Créer un site internet

قمنا نحن قدماء تلاميذ مدرسة سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما ، "المدرسة الإسلامية-الفرنسية سابقا" بمعية تلاميذ المدرسة بصحبة الطاقم التربوي ، إلى مقر عيد الكتاب الذي أقيم هذه السنة بفضاء الولاية . كانت الانطلاقة على الساعة العاشرة و الربع صباحا على متن حافلتين لجمعية الثقافة الإسلامية حيث تم التنسيق بيني(عبد المجيد الإدريسي ) و بين الأستاذ محمد المكي الوزاني رئيس جمعية الثقافة الإسلامية الذي تكرم علينا بحافلتين لنقل التلاميذ من و إلى معرض الكتاب ، و كنت بالأمس الأول قد هاتفت الأستاذة ناديا المعروفي مديرة مدرسة سكينة التي نظمت الزيارة لأربعين تلميذة و تلميذ ، مصحوبين بأستاذة و أستاذ اللذان عملا على ترتيب هذه الزيارة بتوفيق من الله جل و علا ...ثلاثة من قدماء التلاميذ شاركوا في هذه الزيارة العلمية : سمحمد شقرون و عبد السلام الحراق و عبد المجيد الإدريسي ، محرر هذا التقرير .....اليوم الخميس  28 شعبان 1443  للهجرة النبوية و الموافق ل .31/3/2022

Lignes 25

النشاط الذي أقيم يومه(31/10/2015).

صبيحة تربوية بامتياز يوم السبت 31/10/2015 بفضاء مدرسة سكينة بنت الحسين حيث تلاقح الماضي بالحاضر ، اعضاء جمعية قدماء التلاميذ مع اعضاء جمعية الامهات والاباء وعضوات جمعية شهرزاد من مدينة الدار البيضاء والجيل الجديد للمؤسسة في اطار رد الجميل للمؤسسة العمومية من طرف الكبار .
كما تم توقيع عقد شراكة بين الجمعيتين من اجل تزويد المؤسسة بالانترنيت والتعاقدمع استاذ مادة الاعلاميات .

.تحية تقدير واحترام لاساتذة اجلاء ورواد في قيم المواطنة ونكران الذات .

نادية شادي مديرة  مدرسة سكينة

Ligne a puce024

 ...من ثمرات اللقاء (المبرمج) و التي تشرفت جمعية قدماء تلاميذ مدرسة سكينة " المدرسة الفرنسية –الإسلامية ،سابقا" بتطوان بمقرها ، بمعية مديرتها و طاقمها التربوي ، و جمعية آباء و أمهات التلاميذ . تمَّ استقبال جمعية شهرزاد من مدينة الدار البيضاء ، ممثلة بأعضائعا بالسيدات : لطيفة العراقي رئيسة ، و حفيظة حمود ، و نجاة القرطوني ، و أمينة اليزمي ، ثم الدكتور عبد الله زوزيو المنتمي إلى الجمعيتين . و من بين الحاضرين أيضا الأستاذة فاطمة المغاري ، و حلمي الطراز بصحبة مهى الريسوني .

 تولت كلمة التقديم بعد نوع من دردشة التعارف لهذا اللقاء الأستاذة لطيفة العراقي ، مستهلة حديثها بنظرة شمولية حول مهام و نشاط جمعيتها ، استعرضت من خلال خطابها المنهج التربوي –التعليمي لبعض تجاربها، فطفقت تزويدنا بأمثلة حية في بعض المؤسسات منها على سبيل المثال لا الحصر " بسجن عكاشة " . صحبتها في ذلك أول متداخلة في منهج الحكي الأستاذة حفيظة حمود و التي غرَفتْ من التراث المغربي الأصيل إذ استغرقت فيه ببراعة الفنانة و حرفية المسرحية بكل قسمات وجهها ، استطاعت أن تستجلب  و تستقطب نباهة التلاميذ .  و لما لا أقول الحاضرين ، إذ استوقفتني لحظتئذ استحضار الطفل الذي يسكنني . فكان لها موطئ مقام و آثار على الذين استحبوا أسلوبها بقسمات على محياهم التي تألقت بالبشر . ظهر ذلك جليا باختيارهم ورشة الرسم التي عبروا من خلالها و بتشخيص على الورق ، رسومات لشخصيات الحكاية لبطلتيها صالحة و عقيشة ، و كان ذلك من تأطير الفنان  الشكيلي حلمي الطراز و الأستاذة مهى الريسوني . في ذات اللحظة كانت الأستاذة نجاة القرطوني تشرف على ورشة القصة القصيرة ، و الأستاذة أمينة اليزمي بدورها اهتدت بدورها إلى ورشة الشعر باقتدار و حنكة من الأستاذتين. كلهن توفقن بامتياز في أعمالهن ، و كل الحاضرين أيضا قد استمتعوا بهذه الأعمال الجليلة ، فلبارك لهن و لعبد الله ذلك . أعقبت الأوراش نقاشات و حوارات لاستخلاص ثمار الكسب ، حيث أجمع الحاضرون أن هذا العمل يعدُّ  إنشاء أولى لبنة لمنهج علمي تربوي، مستمر و متواتر من شأنه أن ينمي قدرات الخلق و الإبداع عند التلاميذ في نسق سليم ، لا شك في ذلك أن هؤلاء الأطفال سوف يقطفون ثمار تلك الأعمال النبيلة . الأيادي البيضاء نمدها جميعا ، الطاقم التربوي بالمدرسة ،

و الجمعيتين من القدماء و الآباء إلى السيدات الفضليات و السادة الأفاضل على تفضلهم بهذا الإنجاز ....و المستقبل على هذا الدرب للطفولة التي تستحق منا جميعا العمل الخالص لوجه الله  ...... عبدالمجيد الإدريسي  

 

 

Photo5Fb img 1555759503473

Lignes 26

 

 

 

Visite d'ophtalmologue pour les élèves qui ont de dificulté de vision Dr Mdina ancien eleve 

 

Hoftalmologue

Lignes 26

من أجل الطفل

...بعد حوالي الحول من تأسيس جمعية قدماء تلاميذ المدرسة الفرنسية- الإسلامية "سابقا" ، وهي تحمل الآن الإسم الشريف – سكينة بنت الحسين (رضي الله عنها) بمدينة تطوان . منذ ما يفوق الستين سنة مضت و بعد أن اشتعلت الرؤوس شيبا ، من أجل تلاقح الماضي بالحاضر ، من تلاميذ قدماء هرموا في الزمان إلى تلاميذ-أطفال حاليا في الزمكان .  تشرفت الجمعية بمعية جمعية الأمهات و الآباء و الطاقم التربوي للمدرسة باستقبال ، جمعية شهرزاد من العاصمة الاقتصادية للمملكة ممثلة بإعضائها في سياق تربوي ، مستهلين التواصل بخطاب صادق ، بملامح شمولية حول مهام و نشاط الجمعية ، مستعرضة من خلال رسالتها نظرة عن المنهج التربوي لتجاربها ، حيث طفقت تستعرض خارطة طريق لبرامجها النبيلة . سطرت نشاطها في بناء أوراش "حرفية" بفن مسرحي استطاعت استقطاب نباهة التلاميذ الذين ارتموا ارتماءة  نحو طاولاتها ، و المتلقين من الحاضرين ، فكان لها موطئ  قدم و آثار على الأطفال ، و بعض القدماء ممن استحضروا أيضا خلايا ذاكرة الطفولة التي تسكنهم . منهم التلاميذ الذين اختاروا ورشة الرسم و آخرين فضلوا ورشة الشعرو هم قلة ، بتأطير من أستاذات متخصصات . ثمَّ ورشة القصة القصيرة و أخيرا ورشة الحكي ، و بخفة دم من أستاذة نالت الميزة و القبول من لدن التلاميذ الذين اهتدوا إليها بالفطرة . كان للمؤطرة استحباب لأسلوب الحكاية وكأنها على خشبة المسرح ، متحكمة في قسمات وجهها . سطع من أعين الأطفال الرضى ، بسيماهم و تهللت أسارير محياهم فتألقت بالبشر . كان الوقع الحسن لهذه اللبنة الأولى من عمل مبارك لمنهج علمي متواتر و مستمر من شأنه أنْ  ينمي قدرات الخلق و الإبداع للأطفال في نسق سليم لأنامل رقيقة ، سوف يجني التلاميذ من سيرورته ، و يقطفون قطوفا دليلا  من الثمرات المبرمجة أيضا عملية أشرف عليها دكتور الأمراض "العقلية"  حيث تمَّ له لقاء مع بعض أمهات التلاميذ لعلاج ما يعانين منه من سلوكات غير مفهومة لهنّ  مع أطفالهنّ . بموازاة ذلك كانت وقتئذ متخصصة في علم النفس تتواصل في لقاء حميمي مع بعض التلميذات و التلاميذ للمعالجة النفسية-التربوية لهؤلاء . أقامت الجمعية فضاء للتربية و التعليم الحديث من خلال الألعاب ، ثمَّ أنشأت قاعة لمجموعة من الحاسوب بإشراف تقني لتلقين التلاميذ دروس في الإعلاميات مشفوعة بأسطوانات تحتوي على منهج تربوي مختار للفئة الصغرى و موالاتها بمنطق سليم . تأسست مكتبة مدرسية بمجموعة من الكتب متنوعة في متناول الأطفال حسب قدراتهم .ثمَّ جاء دور طبيب العيون الذي تشرفت المدرسة بمقدمه وهو أحد تلاميذها القدماء و بصحبته معين له، إذ أشرف على فحص سبع و ستين "حالة" تلميذ و تلميذة. التحقت به بعد ذلك دكتورة أعانته على المقاييس البصرية لجميع هؤلاء الأطفال  . تطوع بالتفاتة كريمة منه بتحمل جميع مصاريف النظارات . كل التقدير و الاحترام لهؤلاء الأطباء و الإكبار على هذه الروح الطيبة لأعمال جليلة ترفعهم إلى مقام الإحسان .كلُّ ذلك محاولة وضع لبنة صغيرة و حبة رمل في صرح للعلم و المعرفة و هي قطرات الندى التي تنعش العشب. و لمن شاركنا هذه القيم من مكارم الأخلاق و نستبشر خيرا ، فعساه أنْ يكون نعيما مقيما . و لجميع من ساهم و يساهم في هذا العمل النبيل لوجه الله من الأساتيذ الأجلاء ، لمدِّ اليد البيضاء للطفولة و السهر على تنشئتها بالمدرسة العمومية ، وهم أطفال مستقبل البلاد ، للرقي بها و تحسيس المواطن بالعمل التطوعي من أجل التدريس ، لغد أفضل من العرفان . إذ هؤلاء هم الذين سوف يأخذون المشعل مزودين بالعلم و المعرفة و الحداثة .في ظلال عمل متواتر مستمر لنشأة سليمة ، لردِّ الجميل للمدرسة العمومية ذلك فقه المقاصد و هي أيضا روح الرسالة التي نريد زرعها في أرض مغربية سقوية ، إنِ اهتزت و روت أعطت من كل زوج بهيج.  نسعى في محاولة متواضعة أنِ نكون تلك الرياح اللواقح من خمسينيات القرن العشرين ، إلى زهور و براعم طفولة القرن الواحد العشرين ، في حديقة مدرسة سكينة بنت الحسين (رضي الله عنها) . و نريد لها أيضا و بإلحاح ( إنَّ الله يريد العبد الملحاح ) الانصهار و الإيثار و الغرف من مناهل و منابع العرفان من الثقافات الكونية ، و نحن قدماء التلاميذ إذ أسلمنا أمرنا لله و بتوفيق منه جلَّ في علاه ...            

           عبد المجيد الإدريسي

          Lignes 25                                                                                                                

صبيحة تربوية ، فنية ، اجتماعية ، وطنية ، بفضاء مدرسة سكينة بنت الحسين ،حيث تم تخليد ذكرى تقديم عريضة الاستقلال، والاحتفاء بمحمد افرون المساعد التقني الذي احيل على المعاش وذلك بمشاركة :
-جمعية قدماء تلاميذ المؤسسة -جمعية امهات واباء التلاميذ-جمعية شهرزاد من الدار البيضاء -جمعية الايادي المتضامنة -ادارة وهيئة التدريس-تلميذات وتلاميذ المؤسسة .
حيث نظمت جمعية شهرزاد 6ورشات :الرسم -الحكي -القصة -البستنة -التعبير الجسدي، الورشات اشتغلت تحت عنوان "التضامن"
الورشة السابعة كان موضوعها مشاهدة فيلم وثائقي "عريضة الاستقلال 11يناير تلتها مناقشة وتحليل التاريخ المغربي من الاستقلال حتى الآن .
كا تخللت الاحتفاء مجموعة من الكلمات ، والاشعار ، و..........
كما تم توزيع 67 نظارة طبية على التلاميذ ضعاف النظر، فاشكر موصول للدكتور مصطفى امدينة الاخصائي في طب العيون بمدينة اكادير وهو من قدماء تلاميذ المؤسسة ، وكذلك الدكتورة ليلى غيلان ، على هذه المكرمة .تحية اجلال واكبارلكل من شارك في انجاح هذه المحطة التاريخية

المقاومة ذاكرة الأمة   

...كان رسول الله – صلعم – أرحم الناس بالصبيان و العيال . و كان    و ما زال قِوام الرئاسة بإسناد الأمر إلى المسؤول –ة- القادر – ة -  عليه ، و الذي – التي – يصرف الشؤون على نسق واحد باجتناب مصلحة التلاميذ التي تعْتوِرُها الفوضى ، و تسللَ لها الاختلال . أعني     الملكة الإدارية من حيث هي أساس التفكير . السِمة الجامعة هي سمة العلم و المعرفة ، من أجل صالح الأعمال .     فحُولة القوْل و العمل . مُسْتجمع للتربية و التعليم العمومي لأبناء الشعب ، بما فيه كِفاية بلا إفراط و لا تفريط . فالعلم قياس الخير و الصلاح ، كله بنسق الثقة بين طاقم التعليم و التلاميذ . قد تكون لشخصية المُربي  ،  العامل النفسي للفاعل ، مُحِباًّ مِحْباباً ، كي يستوْحِشَ التلاميذ العودة إلى أقسامهم ، كلما غادروها بالأمس الأوَّل . هؤلاء المعلمات و المعلم بمعية قدماء تلاميذ المدرسة "الإسلامية- الفرنسية " ، سكينة بنت الحسين –حاليا- ، يعملون بالحكمة المأثورة إحرث لدُنياك كأنك تعيش  أبداً ، و اعملْ لآخرتك كأنَّك تموتُ غداً حظيَ تلامذة مدرسة سكينة بزيارة إلى متحف المقاومة بصحبة أساتذتهم و بمعية تلامذة الأمس البعيد الذين ارتووا من هذا النبْع . إنْ      المدرسة إلا بستان و العلم لقاح لأزهار يافعة تؤتي أكلها بإذن ربِّها .    بداية و في فناء المتحف تفضل الأستاذ القيِّم عليه بإلقاء على مسامع التلاميذ عرضا تراتبيا لتاريخ المغرب بدْءا من الحماية الفرنسية- الإسبانية ، و تجزئة المغرب إلى منطقة الشمال "الإسباني" إلى أقصى الجنوب ، ثم وسط المغرب(النافع) من نصيب الاستعمار الفرنسي . إذ لم تتوقف المقاومة المسلحة بقيادة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي و هزيمة الجيش الإسباني بمعركة أنوال إلا بعد نفيه سنة 1926 للميلاد    أضحتْ المقاومة حينئذ بقلم بعض المثقفين و تم لهم تأسيس الحركة الوطنية ، حيث تقدمتْ بوثيقتيْ المطالبة بالاستقلال سنتيْ 1943/1944للميلاد .اطلع التلاميد على نسختها برواق الحركة الوطنية ، كما تعرفوا على ذكرى خطاب طنجة للسلطان محمد بن يوسف سنة 1947م ، مع صورة لخطاب الأميرة عائشة . عادت المقاومة لحمل السلاح عند نفي ملك البلاد سنة 1953م . و إلى غاية 1955م عند عودة الملك الشرعي إلى عرشه حاملا راية الكرامة و الاستقلال . فكان التحرير و الجلاء و رفع الحجر و بزوغ شمس الضحى على الوطن من جديد . تؤرخ لحدث  اتفاقية استقلال شمال المغرب  . صورة محمد بن يوسف سلطان المغرب مع الجنيرال " فرانكو " . أما منطقة طنجة الدولية فقد رفع عنها الحجر مع المنطقة "الفرنسية" . المتحف غني بالوثائق و الصور ، تؤرخ لعصرها كالحفريات التاريخية . فقد تمكن تلاميذ مدرسة سكينة الابتدائية من أخذ صور لمحمد أمزيان بن قدور بتاريخ ولادته و  وفاته (1860/1912) و كذا صورة للمجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي شامخا على جواده . تاريخ ولادته بقبيلة بني ورياغل سنة 1882م و وفاته بأرض الكنانة سنة 1963م . التقط التلاميذ صورا غنية و متنوعة كذرى للمقاومة و جيش التحرير مع محمد الخامس و ولي عهده آنذاك مولاي الحسن ، و كل على حدة مع رجال المقاومة . من جملة الأمور الهامة التي تعرف عليها التلاميذ ، بنود مؤتمر مدريد 3/7/1880م ، يخوِّل امتيازات لرعايا الدول الأجنبية بالمغرب . فكان لتلاميذنا أيضا التقاط صور نسخ لظهائر تعيين مندوبين بجامعة الدول العربية ( 25ي الحجة لعام 1364 للهجرة ) . أفاء الله جلَّ و علا علينا و على تلاميذنا بآلاء الحرية و الاستقلال ، و بتضحيات كبيرة لهؤلاء الرجال و النساء الذين باعوا عاجلهم بآجلهم ، بأرواحهم . أسوة برسول-صلعم- الله و ابتغاء مرضات الله تعالى .    من باب الجدوى ما نُعلمهُ لتلامذتنا ، من أجل الجودة المطلوبة ، لنساعدهم على امتلاك المهارات التي يسنُّها المنهج التربوي القويم ، بُغية إعداد مغربي الغد و مستقبل البلاد . ليرقى بهم ( المنهج التربوي )  إلى مقام المبدعين و الكُتاب و العلماء و المفكرين ، لتكوين الشخصية القوية . تلك هي الغايات التي نتوخاها . مع امتلاك القِيم الإسلامية الإنسانية ، التي ترفع من قيمة إنسانية الإنسان .     

                                                                            عبد المجيد الإدريسي .

Lignes 24  

صناعة جيل *

...حظينا بدعوة كريمة من المديرة و الطاقم التربوي لمدرسة سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما، بحضور المدير الإقليمي للتربية و التعليم ، و شخصيات من جمعية قدماء تلاميذها بمعية جمعية الثقافة الإسلامية و جمعية الأيادي المتضامنة. سعدنا بهذه الاستضافة الطيبة ، نحن تلاميذ الأمس البعيد و جزء من ذاكرة هذا الصرْح التربوي

     قال أحد الحكماء : ليس العلم ما حُفِظ و إنما العلم ما نفع . و إذا بنا نعتزُّ بحرْمة الفكر و حرية الرأي ، و قد ارتوَينا من معين هذا النبع منذ حواليْ ستين سنة ، و ما زال ذلك الطفل يسكنُنا ، الذي شرب سقيا مياه العلم من منبع مدرسة;الشريشار. فكانت لهذا الصبيّ معينا للعرفان الذي اعتمد العقل و الحداثة ، و دعا إلى الدرس و التحصيل . هذا الطفل ، وهو الأب و الجدّ و الشيخ يومه ، أطال الله جلَّ و علا في عمره ليشهد و يعيش لحظة ماضيه بين هذه الزهور الفيحاء و البساتين الغناء من لقاح طفولة هذا الزمان الوليد من أزمنة الزمان الغابر ، لتنصهر الحقب في فضاء تربوي ثقافي يحمل اسم ، مدرسة سكينة بنت الحسين (المدرسة الفرنسية-الإسلامية- سابقا) هؤلاء التلاميذ هم الزهور وهي تتفتح لتغريَ الطيور و النحل (العِلم) بنقل لِقاحها تقدم البلاد رهين بتخطيط استراتيجية علمية ، لتهيئة الناشئة لتلقي المعرفة و الرَّفع من منتوج التعليم كمًّا و كيفاً. . ثمَّ المساواة بين أبناء التعليم الخاص والعام في التحصيل . و أنْ لا يختلف أبناء الوطن الواحد في الحقوق و الواجبات ، في التعليم و الصحة و العدل . إذ ما الفائدة من حشو الدماغ و إرهاق الذاكرة بمعارف و معلومات لا يجني منها المتعلم أي فائدة ترْجى في الحاضر و المستقبل )الدكتور عبد الرحيم تمحري ) . و لِما لا يحتوي الكتاب المدرسي على آيات من كتاب الله تحثُّ على القراءة و العمل . و الشيء ذاته في الأحاديث النبوية . كلنا نتطلع إلى إنتاج علميّ و منهج تربوي سليم بتحديد فلسفة التربية. نسعى إلى تجنب; التخلف; ، الذي تعاني منه المدرسة العمومية المغربية ، من الاكتظاظ في الأقسام إلى الهدر المدرسي . لأنها تفتقد إلى الإمكانيات الفعلية ماديا و إداريا (منها وسائل الصيانة) . و عدم وجود منهج دراسي يخوِّل للمدرسة تنظيم أنشطتها للتعليم باللعب . فإنَّ اللعب ربيع الأطفال . على أولياء الأمور تنظيم أوقات أبنائهم للمذاكرة و الترفيه . متابعتهم عن كثب للقيام بواجباتهم المنزلية ، للإلمام بمستويات تحصيلهم العلمي و الفكري . نُبرهنُ على مدى جدِّية الغاية من المساهمة في تقدم البلاد بتطوير الوحدات الدراسية حتى يصبح التلميذ و الطالب مواطنا فاعلا لا مفتعلا ، إيجابيا لا سلبيا . بهندسة لنسق و مستويات التكوين لبرامج تعتمد عالمية العلم و المرجعية الإسلامية من عقل و نقل . إنَّ العملية التربوية تقتضي تقاسم المهام بين الأسرة و المدرسة و المجتمع ، وهي رسالة نبيلة تتعاون و تتفاعل كل هذه العناصر مجتمعة ، بتوثيق الصلات بينها من أجل تحسين المردودية و الأداء الدراسي للتلاميذ . و احتفاءً بالتلميذات المتفوقات و التلاميذ المتفوقين ، و تكريما للأستاذات اللآئي غادرن مدرسة سكينة بين الحسين في إطار استفادتهنَّ من التقاعد النسبي و هنَّ : ذة. أمينة بن ابراهيم – ذة. زبيدة شقرون – ذة. فطيمة الزهرة الميموني و الأستاذ يوسف الداودي . نظمت من أجل هؤلاء، المدرسة حفلا متميِّزا صبيحة يوم السبت 8/7/2017 للميلاد . تلك هي البشائر إنْ ضمنتْ دولة المؤسسات هذه الأسس و غيرها من تطورات العصر ، وقد أصبح ملحا إصلاح منظومة التعليم و تطويره كيْ يتماشى مع الإنتاج و الجودة العالميين . فلا محال لها من بناء دولة متقدمة و متحضرة تأخذ مكانها بين الأمم الراقية . في حياة هؤلاء الأطفال ما يُستقبلُ و يُنتظرُ إنْ شاء الله تعالى . و كلّ من هذه العناصر هي أقرب ما نستطيع الوصول إليها . فلا أحد يبلغ بملاحظاته مبلغها من اليقين الذي تستحقه ، فكلُّ شيء نسبي ....

ملحوظة : صناعة جيل* – الجيل مفرد بدلالة الجمع .

عبد المجيد الإدريسي

زيارة لمنحف المقاومة وجيس التحرير

تخليدا للذكرى 74 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال واحتفال مدرسة سكينة بنت الحسين برمزية هذا اليوم الوطني قمنا وبمشاركة اعضاء جمعية قدماء تلاميذ المؤسسة بزيارة للمتحف الجهوي للمقاومة وجيش التحرير بتطوان .
شكرا لكل من شارك في انجاح هذا العمل الوطني والتربوي الرائع الذي عرف ابناءنا وبناتنا بدور المقاومة وجيش التحرير والشعب المغربي كافة في تحرير وطننا الحبيب من المستعمر الغاشم .

Lignes 25

ندوة

في إطار  الأنشطة الموازية 

ندوة اشرف عليها قدماء تلاميذ المدرسة الفرنسية الاسلامية بتطوان بشركة مع جمعية الثقافة الاسلامية يومه تحت عنوان «فكر الزعيم عبد الخالق الطريس» قراءة في كتاب ذ طارق حيون... بمشاركة الدكاترة لطيفة الوزاني، عبذ العزيز السعود ، إدريس بوهليلة . تراسة النذوة ذ عبدالمجيذالادريسي 

قراءة في كتاب                                                                

... في لقاء علمي مع المؤرِّخ الدكتور عبد العزيز السعود و الدكتور إدريس بوهليلة رئيس شعبة التاريخ و الحضارة بكلية الآداب (مرتيل) ، و الدكتورة الباحثة لطيفة الوزاني الطيبي ، بمقرِّ جمعية الثقافة الإسلامية ، بصدد التنقيب عن منابع الفكر السياسي للأستاذ عبد الخالق الطرِّيس ، في ندوة فكرية و نقد معرفي ، وقد حضرتْ مجالسة المنتدى نخبة مثقفة من رجال الفكر . لطيفة الوزاني الطيبي الحاصلة على دكتوراة في الآداب العربي ، لها أبحاث عديدة ، من بينها ، فنّ المقالة في مغرب الحماية ، وقد حققتْ أيضا مخطوطات ، و شاركت في مؤتمرات مغربية و دولية .                                                              

  تعاملت الباحثة مع مؤلف الفكر السياسي لعبد الخالق الطرِّيس بمنهج علمي صرف على نهج الأطاريح الجامعية . فلا وجود لعلم أو بحث علمي محايد . كما أنَّ الآليات و الأدوات العلمية موَّحدة . أخضعتْ تحليلها في خانات علمية وهي مُموْضوعة ، لقواعد التأليف في مادة التأريخ . لكي تحقق هدف الندوة العلمية عند البناء الهيكلي للتصميم ، و تقسيم الكتاب إلى أبواب و فصول ، من أجل تقصير المسافة الفكرية بين أسلوب الكاتب و تحليل المحاضِرة . عند الخوض في إيديلوجية الأستاذ الطرِّيس و الحديث عن ماضيه و مواقفه الوطنية ، و العقيدة الوَحدَويَة في فكره ، و الذي استمهن باسم الحرية و الديمقراطية وحدة الحزبين ، حزب الإصلاح الوطني و اندماجه في حزب الاستقلال . فرَّغتْ نفسها الدكتورة الباحثة ، لمنهج المقريزي و سارتْ على نهجه و منواله ، حتى استقطبتْ نباهة المتلقين بما تحويه من نقد بناء ، وقد يُعلي من منزلة المؤلِِف الذي تميز بالروح العلمية و بصدر رحب ، و بتجاذب من قول رفيع المستوى ..      

  وقد أنجزت الدكتورة لطيفة الوزاني الطيبي بحثاً على طريقة أطورحة الدكتوراة :

باسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله المطهرين من الرجس في الذكر المبين وصحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

سلام الله عليكم جميعا تحيةً منبعها القلب بعد غياب - فرضته ظروف قاهرة - عن هذه القاعة التي تشهد جدرانها وسقوفها ومستلزماتها على تناسل أنشطة ثقافية وازنة بها شكلا ومضمونا، وطنيةً ودوليةً تركت بصمتها خالدةً في ذاكرة المدينة وخارجها، إذ لا يزال صداها يتردد على مسامعنا، ووقع فوائدها يرصع ذاكرتنا.

وها نحن اليوم نعود لأنشطتنا الثقافية من جديد مع علَم من أعلامنا الكبار المرحوم الأستاذ عبد الخالق الطريس من خلال قراءة في كتاب "الفكر السياسي للزعيم عبد الخالق الطريس" لمؤلفه الأستاذ محمد طارق حيون، لتكون هذه القراءة أولى جلسة ثقافية تستفتح بها جمعية الثقافة الإسلامية بتطوان أنشطتها الثقافية بعد التوقف المشار إليه سابقا، والذي يمكن اعتباره استراحة محارب كان يستجمع قواه ليستأنف حربه من جديد، حربا ضد الركود والأمية والجهل لصالح العلم والمعرفة والتنوير والوعي والانفتاح على آفاق مستقبل واعد في مجال الثقافة بمعانيها المتعددة المتشعبة.

وقد أسعدتني دعوة المشاركة في هذه القراءة بقدر ما أربكتني: أسعدتني لكوني ارتبطت بالشخصية المحتفى بها اليوم منذ سنوات خلت عبر بحثين أنجزتهما سنوات خلت: كان الأول عن فن المقالة بمغرب الحماية من خلال نماذج الأستاذ عبد الخالق الطريس، باعتباره أحد أعلام هذا الفن الأدبي في تلك المرحلة. قمت بجرد بعضها وتصنيفها ودراستها واستخلاص نتائج البحث منها. وتعلق البحث الثاني بجمع الرحلة التي دونها العلامة الصوفي سيدي التهامي الوزاني تحت عنوان "بين تطوان وجبل العلم" من جريدة "الحرية" لسان حال "حزب الإصلاح الوطني" آنذاك. وهي رحلة قام بها الحزب المذكور لجبل العلم ونواحيه لزيارة قطب المغرب مولاي عبد السلام بن مشيش من جهة، وتوعية وإيقاظ همم القرويين للدفاع عن الوطن والمطالبة بالاستقلال من جهة أخرى. فازددت قربا من شخصية الأستاذ الطريس وباقي أعضاء الحزب لصراحة سيدي التهامي الوزاني في كتاباته التي تميط اللثام عن جوانب كثيرة فيما تناولته يراعته.

وما أربكني في دعوة المشاركة هو صراحتي أنا أيضا أثناء تناولي لعمل ما إيمانا مني بأن عالم المعرفة الحقة لا يحتمل المجاملات، لأنها لا تخدم العلم في شيء. والنقد العلمي يخضع لمعايير علمية تفتل في حبل مصلحة الإنتاج الأدبي تقييما وتقويما نحو مستوى فكري وإبداعي أفضل، مما يزيد في قيمته وتأدية رسالته على أحسن وجه.

ولهذه الاعتبارات كلها، اخترت من بين أنواع القراءات قراءة نقدية لا أدعي أنها ستكون شاملة للكتاب بقدر ما هي نزهة بين بعض ثناياه بما قد يخدم مستوى وقيمة الكتاب في الطبعات القادمة إن شاء الله. وهي قراءة سأركز فيها على الجانب المنهجي في تأليفه مضمونا وشكلا في اختصار شديد. وقبل تسطير الملاحظات النقدية حول المؤلَّف، لا بد من كلمة أولى في حقه:

إن الكتاب المحتفى به اليوم ثمرة طيبة ستعود حسناتها بالخير على مؤلفه جزاه الله على نيته ومجهوده. وهو إضافة للخزانة التي توثق للحركة الوطنية في المغرب عموما وفي شماله على وجه الخصوص. والكتاب من الناحية البصرية جميل في منظره، يحمل غلافه صورة هي عبارة عن تطريزعربي يتماشى مع الجانب التراثي أكثر من جانب ثقافي آخر، كما أن الطبعة أنيقة بورقها الجيد الذي تعلو زاويتيه الخارجيتين زخرفة عربية إسلامية أيضا. وبما أن العنوان هو المدخل لجميع القراءات الكتبية لأنه عتبة تختزل لب المضمون، وجب التوقف عنده قليلا؛ خاصة وأن الكتاب يحمل عنوانا دسما يتكون من مكونين أساسيين هما:

المكون الأول: الفكر السياسي:

وتعني العبارة كل ما يصدر عن العقل الإنساني من أفكار وآراء ونظريات ووجهات نظر تتعلق بعالم السياسة وظواهره وقضاياه وهو نوعان:

فكر سياسي عشوائي : وهو الذي لا يلتزم صاحبه فيه بأي منهج من مناهج المعرفة سواء كان فلسفيا أو قانونيا أو علميا ...إلخ.

فكر سياسي منهجي (أي منظم): وهو الذي يلتزم صاحبه فيه منهجا من مناهج المعرفة، سواء أكان منهجا علميا أو فلسفيا أو قانونيا إلخ.

فالفكر السياسي إذن هو فلسفة ونظرية تقوم على دراسة موضوعات سياسيّة كالحرية والعدالة والحقوق والقانون ويشير غالباً إلى الرأي العام، ويمكن دراسته باعتباره أحد فروع العلوم السياسية. كما يمكن تعريفه بأنّه أيديولوجية تؤسس للعمل السياسي كالبرامج الانتخابية والأحزاب، حيث تمتلك هذه البرامج مجموعة من الأفكار والتصورات والمبادئ والمذاهب...

المكون الثاني: الزعيم عبد الخالق الطريس:

وهو أحد رواد الحركة الوطنية الكبار الذين أنجبتهم مدينة تطوان عاصمة المنطقة الخليفية وسرى نفعهم حتى في المنطقة السلطانية لما عرف عنهم من حنكة سياسية وإخلاص وتفاني في خدمة الوطن. وبما أنه صاحب الفكر السياسي موضوع الكتاب المناقش في هذه الجلسة، فلا بأس أن نعرج على بعض جوانب حياته بالوقوف عند أهم المحطات في اختصار شديد:

الأستاذ عبد الخالق الطريس سليل إحدى الأسر الأندلسية العريقة التي استقرت بمدينة تطوان بعد نكبة الموريسكيين. ولد بزنقة القائد سنة 1910، ونشأ في بيت نبيل عريق. كان أبوه حاكما للمدينة وجده نائبا سلطانيا لجلالة الملك الحسن الأول ونجله الملك عبد العزيز على طنجة يتولى تدبير الشؤون الخارجية للبلاد. ولا شك أنه تأثر بهما وما كان يصدر عنهما من آراء تتعلق بالاستعمار ومناهضته وخدمة العرش والوفاء له. بدأ دراسته بحفظ ما تيسر من القرآن الكريم وتلقي بعض الدروس العلمية، ثم التحق سنة 1925 بالمدرسة الأهلية ليتابع بعدها دراسته بجامعة القرويين حيث لم يقتنع بالدراسة فيها رغم متانتها؛ فيشد الرحال إلى الجامعة المصرية بالقاهرة لدراسة الفلسفة والأدب، وكان حينها من الملازمين للدكتور طه حسين. ثم انتقل إلى جامعة السربون بباريس لتلقي الثقافة العصرية، وهناك وطد علاقات مع رجال الفكر من مغاربة ومشارقة وفرنسيين.

عاد الأستاذ عبد الخالق الطريس إلى بلده سنة 1932 بعدما ساهم بمصر في إنشاء "جمعية الدفاع عن المغرب الأقصى" وبفرنسا في تأسيس "جمعية طلبة شمال إفريقيا"، لينخرط في أعمال الحركة الوطنية صمن أعضاء الكتلة الوطنية في الشمال؛ فكان أول ما استهل به عمله الوطني بعد عودته من فرنسا تأسيس أول جمعية ثقافية من نوعها في المغرب وهي "جمعية الطالب المغربية" التي ظل منبرها التاريخي يصدح بمحاضراته المتميزة طيلة الفترة الممتدة بين 1932 و1970.

وفي فاتح مارس 1934 أصدر أول جريدة وطنية باللغة العربية وهي جريدة "الحياة" الأسبوعية لسان حال الوطنية المغربية عامة. وفي سنة 1935 عمل على تأسيس "المعهد الحر" أول ثانوية وطنية خاصة بالربوع. وقد خدم هذا المعهد في حياته وحتى بعد مماته لما أوقف خزانة كتبه القيمة على مكتبته.

وفي 18 دجنبر 1936 أسس رفقة رجال مخلصين أول حزب سياسي منظم في المغرب وهو "حزب الإصلاح الوطني" الذي سيسجل مواقف وطنية مشهودة إلى حين إدماجه من طرفه مع "حزب الاستقلال" تحت اسم هذا الأخير بُعيْد إعلان استقلال المغرب في 02 مارس 1956.

وفي سنة 1938 شارك في المؤتمر البرلماني للدفاع عن فلسطين. وفي سنة 1941 سافر إلى برلين لإقناع المسؤولين في ألمانيا بضرورة استقلال المغرب، الشيء الذي دفع فرنسا إلى الحكم عليه غيابيا بالإعدام سنة 1944.

وفي سنة 1947 وقف رفقة أعضاء حزبه وأنصاره من مختلف أقاليم الشمال موقفا مشهودا إثر الزيارة التاريخية لجلالة المغفور له جلالة الملك محمد الخامس إلى طنجة، اتجه بعدها الأستاذ الطريس إلى القاهرة للدعاية للقضية الوطنية حيث اتصل بالجامعة العربية وساهم في إنشاء "مكتب المغرب العربي" و"لجنة المغرب العربي". كما عمل مع رفاقه في الوطنية على تحرير عبد الكريم الخطابي وعائلته من الباخرة التي كانت تقلهم من منفاهم بجزيرة "الرييونيون" إلى فرنسا عبر قناة مصر.

وفي 1948 عاد إلى المغرب وعقد مؤتمرا صحفيا بطنجة كان من نتائجه منع السلطات الإسبانية دخوله إلى تطوان مما أجج الاحتجاجات والمظاهرات بها، انتهت بأحداث 08 فبراير الدامية. وظل خارجها أربع سنوات إلى أن عين الجنرال بالينيو مقيما عاما لإسبانيا بالشمال حيث سمح له بالعودة إلى مدينته.

وفي يوم 20 غشت 1953 كان الأستاذ الطريس في مقدمة من استنكروا نفي جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، فرفع الاحتجاجات ونظم المظاهرات وجعل داره ملاذا للوطنيين من الشمال والجنوب إلى أن عاد جلالته وحصل المغرب على استقلاله.

أما الوظائف التي تقلدها الأستاذ عبد الخالق الطريس، فقد عمل قبل الاستقلال مديرا للأحباس بالحكومة الخليفية ثم وزيرا للأحباس الإسلامية فوزيرا للشؤون الاجتماعية. وبعد الاستقلال، عين سفيرا قيما على شؤون الشمال، ثم أول سفير للمغرب بمدريد، ثم أول سفير للمغرب بالقاهرة ومندوبا دائما في الجامعة العربية، ثم وزيرا للعدل ووصيا على العرش لما سافر جلالة المغفور له الملك محمد الخامس إلى سويسرا للتداوي وكان ولي عهده مولانا الحسن على رأس الوفد المغربي في هيأة الأمم المتحدة.

هكذا عاش الأستاذ الطريس في خدمة الوطن والعرش إلى أن وافته المنية في 27 ماي 1970 تاركا خلفه إرثا نضاليا وآخر ثقافيا متمثلا في مقالات تكاد لا تحصى نشرت على صفحات الصحف والمجلات التي يرجع الفضل إليه في إصدار بعضها ك "الحياة" و"الحرية" و"الأمة" والمساهمة في الكتابة في غيرها ك "السلام" و"المغرب الجديد" و"الريف" و"العلم" و"الأنوار".

نستنتج من مكونات عنوان الكتاب أن مضمونه مادة زاخرة فخمة بفخامة فكر هذا الزعيم الوطني الكبير الذي بهر محيطه بتكوينه المتنوع، ونباهته المبكرة، وجرأته وثقته بنفسه وبقضايا وطنه. وبعد تصفح الكتاب، نجد مؤلفه الأستاذ محمد طارق حيون لم يدخر جهدا في جمع المادة التي كان من المفروض أن تخدم المضمون بطريقة أعمق. فقد نهل من ستة كتب ومجموعة من المقالات المنشورة في الجرائد والمجلات، والتي تطرقت لبعض جوانب شخصية الأستاذ عبد الخالق الطريس، ومنها فكره السياسي موضوع الكتاب. لكن بعد قراءة الكتاب، اتضح لي من وجهة نظري أن المؤلف إذ أجاد في اختيار الموضوع وجمع مادته، لم ينتبه إلى مسألة أهم من ذلك وهي دراسة ما تحصل تحت يديه من المعلومات تحليلا وتأويلا ليتحف المتلقي بصفة عامة والمهتم بتاريخ الحركة الوطنية وروادها بصفة خاصة بنتائج البحث المنتظرة والتي تجيب عن إشكاليات تفرض نفسها فرضا أهمها في هذا السياق:

ما هي أصول الفكر السياسي عند الأستاذ عبد الخالق الطريس ومرجعيته في ذلك؟

من هم الرواد الذين تأثر بهم في مسيرته النضالية؟

ما هي ركائز وأسس إيديولوجيته السياسية التي اعتمد عليها في بلورة فكره السياسي الذي أنتج لنا مجموعة من المؤسسات والمنابر الإعلامية والتعليمية والنضالية والتنظيمات الحزبية والشبابية التي كان يقودها طيلة فترة الحماية؟

فمهمة الباحث – بعد جمع المادة – هي فحصها بإمعان، ودراستها وتحليلها لاستنطاقها وتعرية ما يوجد بين سطورها بما يخدم البحث العلمي الرصين والهادف، خاصة وأن الأمر يتعلق بمرحلة تاريخية لا زلنا نفتقر فيها لما يشفي غليلنا من معلومات حولها وحول رجالاتها. وقد كان من نتائج هذه الهفوة (إن صح تسميتها كذلك) أن جاء مضمون الكتاب سردا للمعلومات المأخوذة من المراجع المعتمدة، وكأن الأستاذ حيون رام بذلك لمْلمة ما ورد متفرقا في تلك المراجع  ليجمعه في مرجع واحد هو هذا الكتاب، وهي نقطة تحسب له على كل حال.

لكن على الرغم من إيجابية هذا الأمر، إلا أن هناك ما يشينه وهو بناء مواد الكتاب، ذلك أن المتصفح لفهرس المواد يلاحظ بسرعة أن الكتاب لا يخضع لقواعد التأليف المعتمدة: فلا أبواب ولا فصول ولا مباحث... وإنما مواد الكتاب مقسمة على مجموعة من العناوين هي بدورها عبارة عن أحكام قيمة جاهزة ومطلقة تتراوح بين مفهومين سياسيين فقط هما "الديمقراطية" و"الوحدة"، وكأن الفكر السياسي للأستاذ عبد الخالق الطريس كان يقوم على هاتين القضيتين فقط. ومن أمثلة هذه الأحكام نجد: "الطريس رجل المواقف والمثل العليا والمبادئ الكبرى"، "الطريس رائد الكفاح من أجل الهوية الوطنية"، "الطريس رائد النضال الوحدوي"... ولا يفهم من كلامي هذا أني أجرد الأستاذ الطريس من هذه الصفات، فهو رحمه الله أحق الرجال بها لأنه أفنى عمره في خدمة الوطن والعرش ومصلحة الناس ويستحق من المغاربة كل تكريم؛ وإنما ينبغي استنتاج تلك القيم بتجرد عن العاطفة والحمية باستنطاق النصوص ودراسة الأحداث والوثائق تبعا لمعايير الدراسة والتحليل.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، جرت العادة أن يقدم المؤلف إصداره بتقديم يكون بمثابة نافذة مطلة على عوالم الكتاب يشرح فيها المؤلف سبب تأليفه للكتاب وغايته من ذلك؛ إلا أن هذا غير حاصل في كتاب "الفكر السياسي للزعيم عبد الخالق الطريس"، ذلك أن الأستاذ محمد طارق حيون بخل علينا بهذه المعلومات لسبب من الأسباب ليعوض لنا ذلك بتقديم فيه قدر من المبالغة التي لا تخدم في شيء المجال المعرفي الذي يتطلب الموضوعية والحياد: تقديم فيه إسقاطات ذاتية قد تخدش المجهود الذي بذل في هذا الكتاب. ومن أمثلة ذلك قول الكاتب:

"خلف (الأستاذ الطريس) أعمالا ومؤلفات أضحت مرجعا في تحليل الأوضاع في العالمين العربي والإسلامي... وأنا شخصيا لم أصادفها عندما كنت أشتغل على مقالاته؛ وكونه اعتُمد مرجعا في إحدى الدراسات لا يخول لنا أن نطلقها صفة عليه ولا على آثاره.

وقوله أيضا: "كما قدم خدمات كبيرة لبلاده وللأمة العربية والإسلامية" وهذه العبارة سرعان ما أسقطت الكاتب في تناقض مع نفسه وتقريبا في نفس الصفحة عندما قال: "ورغم تعلقه بهويته وانتمائه الوطني، فقد كانت له اهتمامات بما يجري في العالمين العربي والإسلامي من تطورات". إذن سرعان ما قلصت الخدمات الكبيرة التي قدمها للعالمين العربي والإسلامي في الاهتمام فقط بما يجري فيهما كأي غيور على عروبته وإسلامه.

ونجد هذه المبالغة وهذا الانجراف العاطفي ينتقل إلى كثير من صفحات الكتاب، فعلى سبيل المثال أيضا يقول الكاتب في الصفحة 94: "هذا هو الطريس وكفى... الطريس الشامخ... شامخ في الحياة وفي الممات، وعلو في الحياة وفي الممات". وهي عبارة تحمل ما تحمله من إعجاب وتقدير للزعيم، ولكن الأبحاث العلمية الموضوعية ترفض مثل هذه العبارات التي تنضح بالذاتية المفرطة، مع العلم نجد الأستاذ الطريس يشهد بنفسه على نفسه بالتقصير في كثير من المناحي وفي سياقات لا يسع المجال لذكرها.

ومما يلفت الانتباه أيضا في الكتاب غياب الهوامش والإحالات عن جميع صفحات الكتاب. وهذا معناه أن المؤلف قد أغفل إرجاع النقول لأصحابها والاستشهادات لمظانها مما تفرضه الأمانة العلمية في تناقل المعلومة بين المؤلفين من جهة، وشرح بعض الغموض أو إزالة اللبس عن بعضها من جهة أخرى. وهذا أمر غريب ينبغي تداركه في الطبعات اللاحقة.

وختاما وليس آخرا، أنبه إلى أن هذه القراءة لا تنقص من مجهود الأستاذ محمد طارق حيون، ولكنها تزيد عمله قيمة وفائدة. فالنقد إضافة نوعية للإنتاج الفكري والأدبي إذ لا يكتمل هذا الأخير إلا بإخضاعه لمختبر النقد بمختلف آلياته ومناهجه. وأنوه بالمجهود المبذول في الكتاب الذي جاء ليساهم في سد الفراغ الذي يعرفه تاريخ الحركة الوطنية ورجالاتها كما سبقت الإشارة؛ خاصة وأنه يحمل بين دفتيه نصوصا تاريخية مهمة وصورا تؤرخ للحظات مهمة من حياة الزعيم عبد الخالق الطريس في علاقاته مع الملكين الراحلين المغفور له محمد الخامس والمغفور له الحسن الثاني، أو مع بعض زعماء العالم العربي، أو مع بعض الوطنيين المرموقين وغيرهم، مما يغني البحث بقراءة الصورة التاريخية واستنطاقها هي الأخرى كما النصوص. وتبقى النية الحسنة أفضل من العمل ويكفي المجتهد الأجر أخطأ أم أصاب، وعلى الله قصد السبيل وهو الموفق لنا جميعا لما فيه الخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته            

عبد المجيد الإدريسي

                                                                        

Lignes 24

كز الفنِّ الحديث

 

... كان للمغاربة فنهم من خلال الصناعة التقليدية ، وقد أبدعت يدُ الصانع في نسيج الزرابيّ و الفخَّار و النجارة و الجبص و الفسيفساء ، والرخام والزليج ، تشهد له بفنِّه المساجد و قصور المغرب و الأندلس . أيادي نصبت منابر من اللؤلؤ و الذهب و الفضَّة ..   فكرة الفنِّ التشكيلي دخلتْ مع حرب تطاون سنة 1860 للميلاد . فرشة بين أنامل الصحفي الفنان الإسباني " فورتوني " ، وقد أرَّخَ للمعركة بلوحة تشكيلية ، ثمَّ تبعه الفنان التشكيلي الإسباني " بيرتوتشي " حيث حلَّ بطنجة إلى تطوان ، التي افتتن بجمال طبيعتها ، فاستقرَّ بها بدْءاً من عام 1928 إلى 1955ميلادية .               

 

      انتقلنا ، و الطاقم التربوي بتلاميذ مدرسة سكينة بنت الحسين إلى مركز تطوان للفنِّ الحديث . تمَّ تأسيسه بمساهمة من وزارة الثقافة المغربية و إدارة الحكومة الجهوية للأندلس . فنٌّ و إبداع يؤرِّخُ للذاكرة المغربية في شمال المملكة و للذاكرة المشتركة المغربية-الأندلسية . يعرض المركز لوحات فنية لفنانين من شمال المملكة ، و الذين تتلمذوا في المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان .كانت نشأته على يد"بيرتوتش" ، سنة 1945م ، و قد حظيَ بزيارة السلطان محمد بن يوسف إبّان استقلال المغرب سنة 1956م . و في سنة 1995م أصبح يحمل هذا الاسم .        

    نريد أنْ نُقِرَّ في وَعي الأطفال ثقافة و معرفة الفنّ ، و تربية الذوْق من أجل تجنيس و ترصيع الإحساس المُرْهف بالبعد البصري ، و أنْ تعشوَ الطفولة عن كل أنواع العنف في منهجهم التربوي .           

     التحف المعروضة لفنانين إسبان درَّسوا بالمعهد أمثال " بيرتوتشي " و هو مؤسس مدرسة لوقاش ، و له لوحة البهاء بعنوان " الفنطازيا " تؤرِّخ لعرس تطواني مع شيء من الخيال الفني ، وقد حظيَ الجدار باحتضانها ، وهي توَثق للحياة الاجتماعية أيامئذ . هو أسلوب انطباعي إبداعيٌ ، يرسمه الفنان بقطع فردية ثم يؤلف بينهم في مرسمه . مهارة المبدع تسطع من خلال قراءة العناصر على اللوحة و لكل محتوياتها . تنتمي اللوحة للفن الكلاسيكي . و " كارلوس كاييكو " و " دييكو كوميس " و ماريا خيسوس رودريكيس أراسيلي " ، ثمَّ من الفنانين المغارب الأساتذة : المكي امغارة و محمد شبعة و محمد المليحي و عبد الله الفخار و سعد السفاج و التهامي داد و محمد السرغيني بلوحته الرائعة  باسم " الطبيعة الميتة " ، و صورة الإنسان التي أبدعها أثناء دراسته بمدريد بعنوان "السبْي " . رائعة في التعبير لبوزيد بوعبيد تحمل عنوان " التائهون . و للموسيقى مكانها المرموق على لوحة الفنان فيصل بن كرام تحت عنوان " سينفونية خضراء " . بالتقنية المختلطة أبدعت فرشة بأيادي مصطفى اليسفي لوحة جميلة للعين ، وهو من بين الطلبة الذين درسوا بالمعهد و أضفوا على المركز تحفا للفن الحديث . نعثر بعد ذلك على لوحتان كلاسيكيتان لمحمد السرغيني و كأنه مهندس معماريٌ يصف لنا بفرشته الزقازيق الضيِّقة السبعة التي تتميز بها تطوان ، مشفوعة بلوحة أخرى للفنان محمد صبري و رائعته لزاوية سيدي السعيدي بنافورتها على الناصية ، و الصومعة التي تخترق زرقة السماء ، للمدينة العتيقة التي صنَّفتها اليونيسكو تراثاً عالمياً . و لن تخلو العروض من معلمة العلم و المعرفة على لوحة من الجمال و البهاء لثانوية القاضي عياض برياضها الأندلسي تتوسطه نافورة المياه السلسبيل ، من إبداع الفنان الإسباني  "أنونيمو " . يؤمُّ المتحف بدراعيه أربع  فضاءات تؤرِّخُ للفنون التشكيلية بتطوان منذ سنة 1913م ، إذ العلاقة الفنية بين المغرب و الأندلس ، جمعهما التاريخ المشترك بفرشاة مبدعين مغاربة و إسبان في حِقب كانتْ وحدةُ حسابها لوحات فنية . الفنان يرسم و يوثق و يؤرخ لزمان ما في مكان ما ، و قلمه فرشة على اللوحة بدراسة علمية ، و قد تميزت المدرسة الإسبانية بتقنية ضبابية كما عند " فيلاسكيس " و " كويا " ، إذ تأتي لوحاتهم على أربعة مراحل .              

     كانت وجوه الأطفال تتهللُ ، و تتجلى بالخشوع حين التقتْ أنظارهم نحو عنان اللوحات التشكيلية ، و أسماعهم تنصتُ للأستاذ الفنان عادل ربيع ، ولسانه يتقاطر شهداً ويكأنما تنطق شخصيات اللوحة الفنية ، فتضيء في دواخلنا شمعة الرجاء ، بشعور فياض لطهارة أنفسهم ، فنُثنيَ على تلاميذنا الخير كله لمشاعرهم المشفوعة بالبهاء . للفنان عبد الله الفخار لوحة اختلط بها الكلاسيكي و التجريدي ، عبَّر فيها عن التأمل تنطق بها قسمات و أسرار محيا عجوز ، لعلها تختزل الفكر العربي ، و وضعية العالم من الفتن و الحروب . بينما الفنان محمد شبعة يبدِعُ لوحة تجمع بين الحداثة و التقليدي ، ثم جاء دور محمد المليحي ليحدِّثنا من خلال لوحة بألوان مُسطحة بنكهة المحيط الأطلسي ، يُستنشق منها نسيم البحر و ملوحته ، و إننا لنجد ريحه الزكية . للأستاذ سعد السفاج وهو يُنسج لوحة موسيقية تحضنُ رؤوس تماثيل إغريقية ، أبدعتها أنامل فنان وهو يؤرخ للميتافيزيقا اليونانية إلى الحداثة ، أطلق عليها اسم " كارْياتيدي " . للفنان الإسباني " فيرناندو مْويلا " لوحة جميلة بعنوان ، " بلا العنوان " . المبدع محمد بناني اقتنى مقامه مع ثلة من الفنانين ، بلوحة من نسيج مختلط على الثوب من قطعتين ، إحداهما تجثو على صدر الأمِّ . وقد جاءت جلّ اللوحات باستثمار جيِّد لنور الضوْء و بإتقان ، كما أبدع التوظيف الأساتذة " بوتيس " و  "دولاكرْوى" و " فورتوني " .. هي مقامات فنية اشترك فيها مبدعون مغاربة و إسبان أضفت على المركز بإحدى و ثمانين لوحة تشكيلية كلاسيكية و تعبيرية و تجريدية أتحفتْ مع اثنى عشر قطعة من فن النحت على الحجر و الحديد و على الجبص و المعدن و على الإسمنت ، زاده جمالا و قيمة و بهاءًا ..و آخراً و ليس أخيراً ، تتوسط الفضاء العُلوي تحفة نحت لشخصية ملائكية ( بدون أجنحة ) ، تأخذ قسطاً من الراحة بعد التعب ، لعله أو لعلها ، رياضية شاركتْ في تظاهرة الأولمبياد ، أو فنان تشكيلي أبدع لوحة نحت لذاته .. الفن التشكيلي جمال و تعبير عن الذات ، و رسالة كالشعر و الأدب و الموسيقى ، تُعانق الوجدان و الروح لازدواجيتها بالمادة . هو خطاب نبيل الذي يغتني به التوازن . هو فنٌّ رفيع قلمه فرشة و مداده صباغة ، و عقله فكر ، للتعبير عن قضايا الحياة و الممات بحرِّية أكبر ، قد لا يتيحها القلم للأدباء و المفكرين و النقاد .. إذ يمنح التشكيل إمكانيات تخييلية لا حدَّ لها .. المتحف تُحفة رغم افتقاده لوحات تشكيلية بحروف عربية " كاليغرافي " . لغة البيان ، لغة فنٍّ و إبداع للشعر و الأدب و الموسيقى ،وهي التي دون غيرها أبدعتْ حروفاً عربية للخط و التشكيل.  حبذا لو اجتهد القائمون على المتحف و أضافوا إلى جماليته كتابات اللوحات باللغة العربية ، تتناسب مع قراءات معاني الصور البيانية إلى الإبداع و النبوغ . لتعزيز السلوك الابتكاري و الأعمال المبدعة لتلاميذ مدرسة سكينة بنت الحسين ( رضي الله عنهما ) ، ارتأينا ضرورة زيارة فضاء الجمال و البهاء ، بلوحاته الفنية الرائعة ..   

      تتوأمت الفرْشة و القلم ، فأبدع هذا الأخير لصحبه أبياتاً بيانية :      

  الفنُّ إشراق الحياة و رفقها--------  و ذووا الفنون ملائكة أبرار      

  لا تهملوا أمر الفنون فإنها ---------   لنهوضنا و رُقينا معيار ..                                           

                                                                                                         عبد المجيد الإدريسي .

Lignes 25

Dar senaa, زيارة تلاميذ مدرسة سكينة لدار الصنائع

لمؤرِّخ الناقد الدَّال على التميُّز .

...و حتى لا يُقدِمَ المؤرِّخُ على التأليف استجابة لطلب السلطة ! فتنبعث ملامح مجموع نتاج فكر شخصية المؤرخ ، في الفعل الماضي و الحاضر لاستشراف المستقبل. إذ تغلبُ على مساحة أعماله التاريخية ، نزعة أدبية لإسقاط أحداث تراث الماضي على الحاضر لتنوير القابل ، ليخدُمهُ بالرُؤيوِيَة للمؤرِّخين . و يبدو أنَّ المؤرِّخ الأكاديمي يتوخى مصطلحات النقد الدَّال على التميُّز ..   لحسن توظيف التراث بمختلف المراجع و المصادر ، و تنوُّع الوسائل اللغوية ، بقراءات ترتكز على المخطوط و الحفريات . هي ظواهر و أحداث لاستلهام التاريخ ، و لصياغتها كمرآة شفافة ، لدراسة أزمنة الزمان المواضي ، المعنيين ، بآلية الحاضر لعصر معيَّن . وقد أخذ العرب عن غيرهم كما أخذت كلُّ أمة عن غيرها . وقد ظهر أيضا  مصطلح علم التاريخ على أيدي المسلمين ، و نُسبَ ذلك إلى عمر ابن الخطاب الذي استحسن فكرة علي ابن أبي طالب ( رضي الله عنهما) ، الذي جاء اقتراحه ، ببدْء التقويم للتأريخ من عام الهجرة النبوية . و علم التاريخ حافظ ذاكرة الأمم ، بحفاظ المؤرخ العربي على التذكر و التفكر ، كابن خلدون و المقريزي ، و قبلهما عبد اللطيف البغدادي (1234/1162م) ثم علي بن يوسف بن ابراهيم القفطي (1218/1172م) ، و غيرهم كثر ..لتوضيح صورة التاريخ و أسبابها ، ولم يحمِّلوا مسؤوليتها إلى الحكام الغافلين عن مصالح أممهم!.   للتفاعل و تبادل الآراء و الأفكار ، وكلٌّ ينآى بنفسه عن التجاذبات . فالمنهج الأساسي هو العلم بحدِّ ذاته . من أجل إسقاط الكتابات السجالية لأستاذ التاريخ      "سيلفان كوكينهايم" ، منافيا دور المؤرخ العربي في نقل التراث اليوناني إلى أروبا في القرون الوسطى . و إسناد ذلك إلى "جاك دو فينيز" ، وهذا ليس صحيحاً ، بل للمؤرخ العربي يرجع الفضل في ذلك Bouhlila  الطمع الاستعماري ، حتى بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1789م ، لم يُثنِ فرنسا عن احتلال الجزائر سنة 1830م ، إذ كان مازال يغلبُ عليها الفكر الكنسي . نتج عن ذلك هجرة بعض العوائل الجزائرية إلى المغرب فارِّين بدينهم ، فكان لتطاون النصيب الأوْفر من أسرهم . و من أجل إسقاط الأطروحات الاستعمارية كمرجعية وحيدة ، اعتزازا بحرمة الفكر ، لتفعيل قدُرات القارئ على النقاش المعرفي ، و دحض النمطية الكلونيالية ، لكي يتساوى أفق القارئ و نصوص المؤلف العربي المغربي لإثراء العلم و المعرفة و تأصيل ثقافة الحوار . تلك هي الندوة العلمية التي أشرفتْ عليها جمعية الثقافة الإسلامية بشراكة مع جمعية قدماء تلاميذ مدرسة سكينة (رضي الله عنها) ، بمشاركة ثلة من المؤرِّخين ، الدكاترة : عبد العزيز السعود ، و نزار التجديتي ، و لطيفة الوزاني الطيبي نيابة عنْ أسامة الزكاري (اعتذر لأمر هام) ..   و في هذا الصدد ، قد ساهم الأستاذ الدكتور إدريس بوهليلة في التنقيب عن حفريات المادة العلمية للحصول على المخطوط و دراسته و تنقيحه ليؤلف كتاب   " الجزائريون في تطوان خلال القرن الثالث عشر الهجري الموافق للتاسع عشر الميلادي" ، من أجل أنْ يواجه الغزو بقلمه لمن لا دراية له بعلم التاريخ ، و الخلافات التي تُحدِثُ اضطرابات على الذاكرة ، للتعبير عن الصورة المشوََهة له . وقد عكف على تأليفه بمفهوم جدلي مع مُتغيرات التاريخ الذي هو علم . و العلم جزء من التاريخ .. فكانتْ مُداخلة الأستاذ الدكتور عبد العزيز السعود في الفكر المتغلغل في ثناياه (التاريخ)، في الندوة التي كانت لها حمولة سياسية بتناوله الفصول " الثاني و الرابع و السادس" من الكتاب .. و لإنْ اعتمد الساسة التاريخ لبطلتْ عصارته ! فلا عجب أنْ يأتي تصنيف د.عبد العزيز السعود من بين مؤرِّخي المملكة ، و مؤرِّخ تطوان : -الكتاب في الأصل مجموعة من العروض شارك بها المؤلف في عدَّة ندوات منذ نحو عقدين و قد نشرت ضمن أعمال تلك الندوات ، وقد أعاد تركيبها في عمل جامع هذا الكتاب المعني الذي يشتمل على مقدمة و سبعة فصول ، وكل فصل يتضمن جملة مباحث . و الوحدة العضوية بينها جميعا هي الوجود الجزائري في تطوان في القرن التاسع عشر . وفي أبرز الفصول التي تناولت هذه المسألة : - الفصل الثاني – المتعلق بالجزائريين و حرب تطوان . اعتمد فيه مذكرة الكاتب "جزائري" مجهول أوردها أ.محمد بن تاويت ضمن مقالة "وثيقة تاريخية عن تطوان" ، في مجلة الأبحاث المغربية الأندلسية . وهي مذكرة كما يقول مشحونة بمواقف صاحبتها تجاه الأوضاع المستجدة على أرض تطوان آنذاك. و أورد المؤلف أيضا موقف محمد المشرَّفي (نسبة إلى جدِّهم مُشرَّف بن عبد الرحمن بن مسعود) ، الذي هاجرت أسرته إلى فاس وهو صاحب مؤلف "الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية" ، و قد درسه و حققه الدكتور إدريس بوهليلة في جزْءين .  –الفصل الرابع- حول التشكيلة الاجتماعية للجزائريين في تطوان(ق.19م) . وقد اعتمد الباحث في ذلك على وثيقة مخزنية أوردها محمد داود في المجلد الثاني من تاريخ تطوان عدَّها دليلا واضحا على أهمية هذه الجالية بتطوان و أصولها الاجتماعية و إمكاناتها المهنية و الحرفية ، وهي عبارة عن قائمة بأسماء المهاجرين أرسلها قائد تطوان محمد أشعاش إلى السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام مع ذكر أسمائهم و أصلهم و حرفة كل واحد منهم .و يقول الأستاذ بوهليلة ، إنَّ أغلبية الأسماء وردت عارية من اللقب العائلي مما يدلُّ على أنها كتبت بشكل ارتجالي و بدون تدقيق . بل بالعكس ، إنها وردتْ مفصلة و بألقاب الأشخاص في معظمهم ، رؤساء البحر – الطبْجية – القلاقْطية – أصحاب الحرَف الأخرى .. الرئيس أحمد بِلجي . الرئيس أحمد بن سلوطي . مصطفى بن عبد الله . عبد الرحمن بن عمر . محمد بن اسماعيل . مصطفى بن شاوش . محمود خليل . مصطفى الكرتلي . عبد القادر أشعاش . عبد الرحمن الرشاي . محمد الترجمان .  – الفصل السادس- مظاهر التأثيرات الجزائرية العثمانية في الحياة الثقافية و الاجتماعية بتطوان . علاقات تطوان بالجزائر العثمانية . تحدَّث عن كون تطوان نقطة خروج السفراء المغاربة إلى الدولة العثمانية مع ذكر بعض السفارات قامتْ بها شخصيات تطوانية بدون توضيح لتلك العلاقة . وهو ما سأوضحه فيما بعد . أما فيما يتعلق بالتأثيرات العثمانية اللغوية أو بالأحرى الجزائرية قد اعتمد على ما أورده الفقيه الرْهوني ، وفيه كثير من المغالطات . و نفس الأمر ينطبق على الحياة الاجتماعية . بيد أنه ما من شكّ في أنَّ المقالات المتضمنة في الكتاب قد أوْفتْ ما فيه الكفاية ببعض الأهداف المتوََخاة من الغاية من التأليف التي أوجزها الكاتب في عدد من النقط مثل : المساهمة في دراسة التاريخ الاجتماعي لمدينة تطوان في (ق.19للميلاد) ، من خلال هجرة الجزائريين إليها وقد وُفق في ذلك . إظهار مواقف السلاطين المغاربة من الهجرة المذكورة . و أما فيما يخص تبيان رؤى المغاربة و الجزائريين حول القضايا الوطنية و الاستقلال و الوحدة ، فأرى أنّه العسْف استعمال هذه المصطلحات الحديثة و إسقاطها على المرحلة المدروسة لأنها حتى و إنْ طبقناها فسنكون قد تعسفنا على ماضٍ باستعمال مصطلحات غير لائقة به . بمعنى قد طرحت فعلا قضايا مثل الوطنية و الاستقلال و الوحدة ؟ تمثل قول الزعيم المغربي عبد الله ابراهيم ، فأقول ليس أي موقف سياسي مهما كان قد يبعدنا عن الموضوعية التاريخية ؟ و يبقى في نظرنا مُلحّاً السؤال الوجيه : لماذا اختار الجزائريون الهجرة إلى تطوان ؟ وهو السؤال الذي صاغه المؤلف في عنوان ، علاقة تطوان بالجزائر . وهذا يقتفي منا البحث من تاريخ هذه العلاقة كما سأبينه .. كانتْ السيدة الحرَّة حاكمة تطوان تقيم علاقة متينة مع أتراك الجزائر ، تُرَحب بهم .. ذهبتْ بنفسها إلى جزيرة بادِسْ لتتفاوض معهم في شأن الأسرى .. شاركتْ في الهجوم الذي تعرَّض له جبل طارق عام 1504م من طرف قراصنة الجزائر تحت رئاسة كاراهامي و علي أحمد بخمس سفن عادتْ إلى مرتيل مُحملة بغنائم و أسرى .. زيارة سفن باباعرُّوج و أخيه خير الدّين برْبروس إلى مرسى تطوان بقصد التزوُّد ..-الطريق البحري للحج ..رحلة التمكروتي سنة 1590م ، النفحة المِسْكية في السفارة التركية .. حركة السفن الدائبة بين المرْسييْن .. – عهد مولاي إسماعيل : قضية الرايس محمد التاج / اتهام المبعوث دو سانت أمان للقائد علي بن عبد الله حمامي ، قراصنة في (ق.19) . - وجود قنصل نيابة الجزائر في تطوان التاجر عبد الكريم بن الطالب الذي كانت له علاقات تجارية مع المخزن . – وصول أوَّل خبر عن استيلاء الفرنسيين على الجزائر إلى تطوان و منها إلى السلطان عن طريق قنصل المغرب بجبل طارق يهودا بن عليل .- أبلغ باشا الجزائر "حُسيْن داي" التاجر عبد الكريم بن الطالب عزمه على الانتقال إلى المغرب بعد إذن السلطان ، و كتب يستأذن مولاي عبد الرحمن في الهجرة إلى مدينة تطوان ..(ت.ت.م.8.ص225). - وجود وكلاء للأمير عبد القادر بتطوان و فاس يقومون بجلب المكاحل و البارود لفائدة قواته و منهم التاجر بوضربة / تطوان لقدر المكاحل . – إنعام السلطان على الفقيه العالم أحمد الشطاب بالدار الكبيرة التي كانت للتاجر محمد بجَّة و حازها أبو المواريث . – حوْل تأثير هجرتهم في تطوان : نشطتْ بورودهم بعض الحرف و خاصة التي نقلوها معهم : صناعة حل الحرير أو "تاحرارت" ، تعاطتها أسرة الحرَّار ، الجزيري ، ابن صيام . و ارتبطت بها صناعة "سْبْنِيات" الحرير و الكرازي الحريرية . – صناعة طرز الجلد بالذهب و الفضة . – صناعة القزدرة و صنع أواني الصْفر ، و حرفة الطبْجية ..حملوا معهم كذلك عادات تخصّ كيفية اللباس حيث عمّ الأوساط الثرية استعمال البدعية و الجابدور و سراويل الملف المُطرَّز بالحرير . شمل التأثير ميدان الأطعمة المتنوعة و الحلويات ، و التعوُّد على شرب القهوة . "حرفة القهواجية بتطوان" ، دخلتْ بمقدمهم عدّة كلمات في القاموس المحلي مثل "التليق" (قطعة ثوب بالية) ، الدافوني ، التغاشي .. حاولت فرنسا عن طريق قنصليتها بتطوان و مفوضيتها بطنجة استغلال أفراد الجالية الجزائرية المستقرّة بتطوان .. و اعتبرت السكان من أصل جزائري رعايا فرنسيين .. استغلَّ قنصل فرنسا بتطوان علال العبدي من أصل جزائري المنصب و شرع يخوض في البحرين ، مرسى تطوان و ساحل الريف ببقيوة عام 1898م (انظر الوثائق ) . كان الشعور العام لدى السكان من أصل جزائري كراهية فرنسا و التنديد بسياستها الاستعمارية و فضحها ، ففي سنة 1895م كان الناس يُردِّدون في تطوان قصيدة زجلية باللهجة الجزائرية تسخر من الاستعمار الفرنسي الذي احتلَّ تونس و اعتبرها القنصل الفرنسي بالمدينة بمثابة تعبئة سياسية ضدَّ فرنسا . – بعض المراجع غير المذكورة : لسان المقال في النبأ عن النسب و الحسب و المال "المشهور برحلة ابن حمادوش الجزائري عبد الرزاق" (مخطوط بالخزانة العامة)/ و مطبوع بتحقيق ابو القاسم بعد ذلك ، الجزائر 1983م . – المعارج المراقية في الرحلة المشرقية . م.خ.د بتطوان لمحمد بن علي الرافعي التطواني .  – تنبيه ذوي الألباب ليحذروا من تدليس لوكس الكذاب ، لمحمد بن عبد العزيز الموفق الثعالبي . م.خ.م الرباط . م.خ.ع ، تطوان .. نشر أزاهر البستان فيمن أجازني بالجزائر و تطوان لمحمد بن زاكور ، المطبعة الملكية ، الرباط 1967م .                             

                                                               عبد المجيد الإدريسي .

Lignes 26

20

رحلة نظمتها جمعية فذماء تلاميذ مدرسة الفرتسية الاسلامية بتضوان إلى أثار مذينة تاموذة لفائدة تلاميذ مدرسة سكينة

تمودَة و الرحلة عبر أزمنة الزمان

... لعلنا نلامس المستجد التاريخي ، نحن تلاميذ الأمس البعيد و تلاميذ اليوم ، إذ نُطلُّ من باب النصر على ذاكرة الموقع الأثري ، في رحلة إلى ثمودَة ، التي تعني بالأمازيغية ، المستنقع المتصل بمجرى النهر ، وهي لغة ليبية .                      

       سافرنا بخيالنا عبر الزمان إلى القرن الثالث قبل الميلاد نحو نهر مرتيل على متن شراع تتلاطمه الأمواج و الرياح في بحر  الظلمات ، لترْسوَ بنا السفينة في مدينة تمودة . المدينة التي تجثو في حجر جبل غورْغيز ، بين الأخشبين "درْسة" و "غورْغيز" ،  على ضفاف نهر "المْحَنْشْ" ، وهوامتداد لمجرى واد مرتيل ، الذي أخذ منه اسمه "مرتيل" و الذي يصبُّ في البحر الأبيض المتوسط . من هذا المنفذ لبحر الحضارات أبحرتْ و استوطنتْ المملكة "المورية" مدينة تمودة . و قد اكتشف هذا الموقع الإسباني "سيزار لويس دي مونطالبان" سنة 1921م خلال الحفائر التي أجراها في المنطقة . و أدْرجتْ في لائحة التراث الوطني ..     

   راودني حلمُ اليقضة إلى سفر عبر الزمان في غيابات التأريخ ، وهو مفهوم يتمثل في فلسفة المكان و الزمان من نسج الخيال .     في القرن الأول قبل الميلاد صُكتْ نقوذ برونزية في اسم المدينة بكتابة "البونية" و بأسماء ملوكها . وهي المدينة "المورية" التي كان لها ميناء على واد مارتيل . و تصميم الأبنية الأثرية للمدينة "المورية" جاءت بخصائص النسيج العمراني اليوناني (الهيليني) في ذلك الزمان . لشوارعها أربعة أبواب ، من الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب ، بسواقي المياه و حمام روماني . على ناصية الشارع الرئيسي محلات تجارية ، وهناك أيضا ساحة عامة . عرفت كذلك صناعات الخزف . كما كانت لها تجارات مع شبه الجزيرة الإيبيرية و مع القرطاجنيين ، إذ استأثرت بثقافتهم و بحضارتهم . حتى أصبحت مدينة كبيرة . أكدت دراسات النقوش عند الحفائر اكتشاف حفريات من القارورات و القوالب و المصابيح و المباخر و الصحون و عدة أواني والعملات بوجهين . دُمِّرتْ مدينة تمودة في نهاية القرن الأول للميلاد ، بحروب بين المملكتين المورية الغربية و المورية الشرقية بالجزائر . و دُمِّرت ثانية على أيدي الجيوش الرومانية حواليْ سنة أربعين للميلاد ، بعد اغتيال لآخر ملوك الموريين "بطليموس" ، ثمَّ ضُمَّتْ إلى الإمبراطورية الرومانية على عهد "كلود" . فقضى الرومان على القرطاجنيين و استعمروا شمال إفريقيا . نصَّبَ الرومان "جوبا الثاني" ، مالك مغربي ، على المملكة المورية .  تزوج هذا الأخير بنت "كليوبترا" ، فأنجبتْ له ولد اسمه "بالتيموس" . و قد قاومتْ تمودة الوجود الروماني ، فدمَّروها ، و بنوا حصناً للحامية العسكرية الرومانية في نهاية القرن الأول لميلاد المسيح (عليه السلام) . فأصبت تنسب إلى الوجود الروماني لإمبراطوريتهم التابعة لموريطانيا الطنجية.  إنَّ الموقع يحتاج إلى خطة علمية ، و لجولة جديدة لمسح أثري في المنطقة ، فلا يمكن لها أنْ تقف عند هذا الحدّ ، و قد غطتْ أراضيها أطنان من الأتربة ، أتت بها عوامل الزمن منذ مئات السنين . فلا شك أنَّ هناك تحت الثرى في هذا الصرح المعماري الأثري حفريات ، و لعلَّ هناك معبداً ما زال يقبع تحت الأنقاض ، أو معابد وثنية ، أو حتى مسيحية بعد ميلاد عيسى (عليه السلام)، في القرن الأول للميلاد ..لا يُقبل التبرير تحت أيّ ظرف و بأيّ شكل . ما برح الموقع يحتوي على كنوز ؟ و على ما هو أكثر كلية مما يوجد الآن ، إنْ استخدمتْ التكنلوجيا الحديثة المتوفرة ، و التي لم تكن موجودة من قبل ، بما فيها الأقمار الصطناعية لاستكشاف باطن الأرض . مفاهيم التطور و الصيرورة لحضارات اختلطت فيها المورية و القرطاجنية و الرومانية .. و إذ تقتضي من وزارة الثقافة استثمار عناصر تلك القِيم التاريخية لهذه المعلمة .. خرجنا توّاً من عوالم تخييلية لسفر عبر أزمنة تتقاطع منذ القرن الثالث قبل الميلاد . فطوينا زمان المواضي وقد جرتْ بنوع من الخيال على موقع مدائن تمودة ، لتنطلق من الزمن الراهن لحظة الكتابة ،و قد انتهت رحلتنا بمشد البداية على أديم تمودة الأثري 

  عبد المجيد الإدريسي 

Lignes 25

Tamouda

Tamouda

Ancien ville de Tetouan

صبيحة يوم 18 ابريل 2019 بمعية تلاميذ مدرسة سكينة لمحطة علاج المياه العادمة لمدينة المضيق الفتيدق بالعليين على طريق الفنيدق

و في المساء على الساعة 5 انضلق الجمع العام العادي لجمعية قدماء تلاميذ المدرسة الفرنسية الإسلامية سابقا سكينة حاليا. 

وكان جدول العمل هو 

1- القرير الأدبي

2- التقرير المالي

3- تكريم عضو من أعضاء الجمعية 

افتتح الجمع رئيس الجمعية الأستاذ عبد المجيد الإدريسي بكلمة ترحابية للحاضرين من قدماء التلاميذ ثم تلا التقريرالأدبي الكاتب العام للجمعية السيد رشيد الميموني ثم التقرير المالي تلاه أمين الصندوق السيد عبد السلام الحراق و في الختام تكريم جمعية لعضو من قدماء التلاميذ الكلونيل ماجور السيد محمد أفيلال وزوجته .وفي الختام تناول الحاضرون الشاي والحلوة . و كان ختامه مسك

Lignes 25

باكورة اللقاء

... و قد تجاوزنا أبجدیة سنوات العُمر ، أتى علینا حین من الدَّھر نتلھَّفُ على نعیم الدنیا ، بالمُضمَر و المُعلن ، حتى بلغنا الكِبرَ عتیاً . لِنتداركَ من حمل أعباء الحیاة ، أنشأنا جمعیة تُعنى بتلامیذ إبتدائیتنا التي ارْتوَینا من رحیق علمھا ترْبیتھا بالأمس البعید . و بعدما استیقظنا من غفلة سُباتنا ،لأشیاء عالقة في ذھننا لربط الماضي بالحاضر . ارْتأینا أنْ نُجھدَ أنفسنا ، لإِضافة لبِنةٍ لھذا الصرح التربوي ، عِرفاناً لھ بذلك . وھو مَعین أساس نشأتنا في مَلحمة رحلتنا الطویلة ، التي أثقلتْ كواھلنا . بصفاء السریرة نسعى بید بیضاء قبل أنْ تختطف المنون أرواحنا ، عسانا أنْ نضع قلیلاً من الزاد في صحائفنا ، لذكرى تعلیمنا العمومي بالمدینة العتیقة ، من لدُن أساتیذ أفاضل . وھم یلقون على مسامعنا أفانین توشي بأدب واسع الأفق ، لاعتزازھم بحریة الفكر . لقاؤنا الیوم لاستحضار أزمنة الزمان ، بعواطف موغلة بأشواق صلة أفئدة قلوب الصبیة ، حینئذ بالتعلیم الأوَّلي . الذي طبعَ ذاكرتنا ، وھو الطفل الذي مازال یسكنُ جوارحنا و كیاننا ، و یُضفي علیھا بھاءً و جمالاً . ھي مدرسة كانتْ متحفاً مغربیا أندلسیاً . عند معلم یتنزَّلُ درسھ قطرات الندى على الزھر الظمآن . تلك الزھور الیانعة تلتقي الیوم ، بمیعاد المُصادفة ، في فضاء عمره لحظات في جلسة حمیمة ، كُتبتْ بحِبْر تلك الدواة (المحبرة) الذي نقشھُ القلم على ذاكرتنا ، كالنقش على الحجر . و منذ عشرات الأعوام وھو ذخرٌ نفیس بیننا ما تعاقبت الأیام و اللیالي . وقد مضى الربیع و أتى الخریف و سقطت أوراق شُجیْراتنا . ثمَّ ما مضى لن یعود . فالجمیل ما یُقدَّمُ من واجب تلامیذ الأمس البعید لتلامیذ الیوم القریب . إذ الحَسنُ حُسنُ الظنّ با . فإذا بنا نلامس ھذا السخاء على أیادي جمعیة الثقافة الإسلامیة في شخص أمینھا 11رمضان  العام 1438للھجرة  النبویة الموافق ل ،و التي تجمعنا بھا شراكة ، منذ م . و لرئیس الجمعیة الخیریة الإسلامیة بتطوان ، صاحب الید 06 یونیو 2017 المبسوطة لجمعیتنا . ما أجمل صداقة الطفولة البریئة التي تقوم على منھج التدریس العلمي ، لاكتشاف عناصر المعرفة و المنافسة الفردیة للتلامیذ . إذ لم یكن فیھا المُدرِّسُ مُطاردٌ بھاجس المقرَّر . انطلاقا من المزاوجة بین الفكر و المعرفة من واقع المجتمع المغربي ، الذي یستمدُّ فلسفتھ من قِیم وطنھ و أخلاقھ ، تلك ھي رسالة التعلیم النبیلة . في مُقتبل تنشئتنا الإبتدائیة ، رغم قصرھا ، كانت مُشبِعة بطموحاتنا المعرفیة بحبٍّ الاستطلاع المفضي إلى الدَّرْس و التحصیل ، ساریاً بین ذاتیة المعلم المبدع و ذاتیة التلمیذ المتلقي . و ھي الغایة التي كانت تجمعنا و التي رسَّختْ صداقتنا ، و ضمِنتْ لھا الاستمراریة . مِنْ ھنا كان الحرص على صوْن الاتصال و دفْع الانفصال . و قد ربط العلم الذي حرَّرَ الإنسان ، و أثمرتْ أشجارُهُ التي ارْتوَتْ بالغیث النافع و لقاح الریاح . أفكلما مرَّ الإنسان بالابتلاءات إلا و زادتھُ صبراً وقوَّةً . و لنا في باكورة ھذا اللقاء خیر مثال على توْثیق الذاكرة الحیَّة ، و لیست أضغات أحلام بل أحلام الیقظة التي أدَّتْ بنا إلى ضوْء النھار و لم و لن یُطویھا النسیان . نتجاذب من خلالھا أطراف الحدیث إحیاءً لأیام الصبا و الجمال . لِمَنْ لم ترَهُ العینُ لعشرات السنین ، و مَنْ كان قرینھُ طفلاً و التقى بھ شیخاً ، و مَنْ سمِعَ عنھ بأذُن الماضي و شھده بعین الحاضر . و لأصحاب الأیادي البیضاء ، نظم الشاعر في حقھم ، قائلاً :

               دیونُ المكارِمِ لا تُقتضى ~ كما تقتضى واجباتُ الدیونِ

               ولكنھا في صدورالكرام ~ تجولُ مَجالَ القَذى في العیونِ.

(أبوالقاسم علي بن بشر)

 ھناك مَنْ سالتْ دموعھ و اغرَوْرَقتْ مَحاجرُ عیونھ لھذا اللقاء الطیب ، وقد جرتْ سنة تكریم شخصیة ، لا یُدْركُ شأوھا إلا من علا شأنه ، في شخص "الكولونیل ماجور" محمد أفیلال أحد تلامذة المدرسة الفرنسیة –الإسلامیة(سابقا) وھي تحمل الآن اسم مدرسة سكینة بنت الحسین (رضي الله عنھما) . و ھي الوفاء التي تحرص على إدماج أزمنة الزمان ، و تصون الاتصال بتلامیذ نشأة مدرستھ بید بیضاء و جمیل الفضائل من مقام الإحسان . و من نظم الإمام علي ، كرَّم الله وجھة في الكرم أبیات من الحِكم :

إذا جادتْ الدنیا علیكَ فجُدْ بھا ~ على الناس طرا إنّھا تتقلبُ فلا الجودُ ھا إذا ھي تذھبُ                                                                  . عبد المجید الإدریسي

Centre de traitement des eaux usées

Centre de traitement des eaux usées

Centre de traitement des eaux usées

Centre de traitement des eaux usées

Assemble general ordinaire

عاشت المؤسسة مساء اليوم 08 رمضان المبارك 1440 موافق 14/05/2019 حفل التميز احتفاء بالتلميذتين روان القيطوني ونهى الشعيري الجائزتين على الرتبة الاولى وطنيا في البرمجة المعلوماتية .حضره السيد المدير الاقليمي ،و رئيس مصلحة الشؤون التربوية ،و رئيس المركز الاقليمي لمنظومة الإعلام، الاستاذ محمد كويس،و اعضاء جمعية قدماء التلاميذو هيئة التدريس وثلة من الاباء والامهات والتلميذات والتلاميذ.حيث تم توزيع جوائز قيمة على التلميذتين وكذا الاستاذ المشرف عليهما يسن العساوي .
هنيئا للمدرسة العمومية بهذا التميز.

ندوة حول الصحة النفسية في المدارس العربية

طريق الممشى للأطفال  ..

... وقد أرهفتُ لهذا الحديث قراءتي و سمعي لأستفيد من علم ذات ثمار . نخلو إلى الباحث لبعض الوقت ليحدّثنا في ندوة لعلم النفس المدرسي للناشئة . ليكون هذا البحث العلمي شجرة ذات ظلال وارفة . فما سعينا إلا لننال نصيبا من هذا العمل الأكاديمي . إذا التقينا اليوم ، فثمَّة ندوة لنتزوَّدَ ، و الجديد من علم النفس التربوي للأطفال ، لإغناء الخزانة الوطنية و العربية . فلن تكون نهضة الأمَّة إلا بتعليم النشء و رعايتهم . من هنا تأتي أهمية التنشئة الفكرية للطفل . فالأطفال هم مستقبل الأمة و يُعوَّلُ عليهم في بنائه  لكلّ شيء في تفكير لمؤلف دلالة و معنى ، إذ تستوقفنا مصطلحات من نبع الباحث ، كالتربياء و النفسائي ..فللكلمة القوة النافذة . و إنَّ أهمّ ما يذكره هي الدعوة إلى إنشاء مؤسسة تربوية تعليمية تُعنى بعلم النفس المدرسي ، لكي تستقيم لهؤلاء الأطفال طريق الممشى . و منها إلى العالم العربي الذي تغيَّبَ فيه علم النفس المدرسي ، إلا في بعضها ! رسالة التربية هي أنبل رسالة في العلم . فالعلم بحث متواصل ما طال الزمان و المكان . ندوة بقراءة منفتحة المنهج ، غنية بنصوصها العلمية لتتراءى لنا المعرفة متنافسة على مدرجة العصور . ثمَّ الاطلاع على الإطار العلمي لعلم النفس المدرسي الذي يشدُّ بنيان المعرفة لهذا التخصص . فإذا نطقتْ الطفولة من منبع   نملكها . ثمَّ ملأتْ نفسي غبطة الدكتورة لطيفة الوزاني الطيبي في: عرضها القيّم شعورها بما تعانيه في النفوس ، للقَّنتنا الأجوبة التي لا  نملكها . ثمَّ ملأتْ نفسي غبطة الدكتورة لطيفة الوزاني الطيبي في: عرضها القيّم

لسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين

في مستهل مداخلتي، أود أن أقدم الشكر الجزيل لمن وجه لي دعوة المشاركة في قراءة كتاب اليوم، وهو الموسوم ب "علم النفس المدرسي/ معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية". وهي ثالث قراءة تنظمها جمعية الثقافة الإسلامية بتطوان بشراكة مع جمعية قدماء تلاميذ مدرسة سكينة، وذلك بعد كتاب "الجزائريون في تطوان خلال القرن 19 الميلادي" للدكتور إدريس بوهليلة، وكتاب "الفكر السياسي للزعيم عبد الخالق الطريس" للإعلامي محمد طارق حيون...

وفي مستهل حديثي عن الكتاب، أود أن أقدم تهنئة علمية لمؤلفه الأخصائي النفسي العيادي والمعالج النفسي الذي تذكر الأوساط المدرسية أفضاله على تلامذتها الدكتور أحمد المطيلي، وذلك على توفيقه في اختيار موضوع التأليف وتفوقه في الإحاطة بجوانبه المختلفة إحاطة علمية أكاديمية جمعت بين المعرفي والمنهجي في تناغم تام بين رهان التأليف وتعرية الواقع محاولةً منه في المساهمة في تحسينه بما يعود نفعا على الفئات المستهدفة خاصة منها فئة المتعلمين وفئة المدرسين وأفراد الأسرة..وكما للتأليف مناهجه، فإن لقراءته مناهج متعددة تتراوح بين ما هو موضوعاتي واجتماعي وبنيوي ونفسي وفلسفي وأسطوري وغير ذلك من المناهج النقدية المختلفة. غير أني سأسلك في قراءتي للكتاب منهجا بسيطا نظرا لضيق الوقت الذي تسلمت فيه نسخة الكتاب من جهة، ومن جهة أخرى أقر أن الكتاب يستحق قراءة أعمق لأهمية مادته وطريقة تأليفه.

ويشكل العنوان عتبة كل كتاب لما يختزله من تفاصيل عن مادة الكتاب. لذا يراعي المؤلفون على اختلاف مشاربهم وتخصصاتهم دقة اختيار عناوين مؤلفاتهم تلخيصا لمضامينها وجلبا للمتلقي المفترض وغير المفترض أيضا.

والكتاب موضوع ندوتنا يحمل عنوان "علم النفس المدرسي / معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية". وهو عنوان صيغ بمكونين أساسيين هما:علم النفس المدرسي:

وهو مكون يلخص بأمانة كبيرة المادة الأساسية للكتاب حيث يوجه ذهن القارئ مباشرة إلى فرع بعينه من فروع علم النفس الكثيرة. وهو غير علم النفس التربوي حسب ما ورد في الكتاب نفسه: "فهو الفرع التطبيقي الذي يعنى بالقضايا التربوية والتعليمية والنفسية المتصلة بالمتعلم فحصا وتتبعا وإنماء ووقاية وإرشادا وعلاجا قصد إقداره على التوافق النفسي والتعليمي والمدرسي مع السعي لتوفير البيئة التربوية والدراسية المتوافقة مع حاجاته وقدراته وميوله وواقعه قدر المستطاع". (ص 46 – 47)

معالم نظرية ومنهجية وتطبيقية: وهذا المكون بقدر ما يُتم دلالات العنوان بقدر ما يفصح عن منهجية الدكتور أحمد المطيلي في تأليف كتابه؛ ذلك أن العبارة تشي بكون المؤلف سيميط اللثام عن الجانب التنظيري لعلم النفس المدرسي لينتقل بعد ذلك إلى جانبه التطبيقي مرورا بالجانب المنهجي الذي يكتسي دائما أهمية خاصة في تنزيل ما هو نظري على أرض الواقع. فجاء عنوان المؤلف جامعا بوعي شديد لمادة الكتاب بطريقة تنم عن صفاء الفكرة ووضوح منهج إيصالها كذلك.وبعد تصفحنا لفهرس الكتاب، نجد المؤلف قد وزع مادته على مقدمة وأربعة فصول وخاتمةمذيلة بثبت المصطلحات بالعربية والفرنسية والإنجليزية، ولائحة غنية للمراجع باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية كذلك. 

وتطالعنا مقدمة الكتاب بشرح المؤلف للدوافع والأسباب التي تقف وراء تأليف الكتاب. ولعل أبرزها افتقار المكتبة العربية لمصدر جامع حول علم النفس المدرسي الذي أصبح تطبيقه في المؤسسات التعليمية حاجة ملحة خاصة مع ما أصبحت تعرفه هذه المؤسسات من حوادث مدرسية قائمة على عنف متزايد، أضف إلى ذلك التدني المطرد في مستوى التحصيل والتواصل والرغبة في التعلم والتفوق فيه. ومن جهة، ازدادت رغبة المؤلف في كتابة الكتابمع ما راكمه من تجارب جراء احتكاكه المباشر ببعض المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها واطلاعه على ما تعانيه نفسيا بكل فئاتها. ومن جهة أخرى، مع تجاربه العيادية التي جعلته يراكم خبرة كبيرة في هذا المجال، خاصة ما يتعلق بالفضاء المدرسي وقضاياه التعليمية والتعلمية؛ فضلا عن انفتاحه على هذا العلم في الأقطار الأخرى الأجنبية منها على الخصوص، والمقارنة بين وسطها التعليمي وأوساطنا التي استعصى حل مشاكلها على كل عملية إصلاح لحد الآن. وختم المؤلف مقدمة كتابه بتقديم بنية الكتاب في اختصار مكثف لكنه ملم بجميع مضامينه.أما فصول الكتاب، فقد قسمت كالتالي:

الفصل الأول: وهو شقان، جعل المؤلف الدكتور أحمد المطيلي الشق الأول منه لتسليط الضوء على تاريخ علم النفس المدرسي وروافده ومهامه. فنجده قد قسم تاريخه إلى ثلاث مراحل هي:

مرحلة الإرهاص (1762 – 1879): وفيها يعتبر المؤرخون أن الفيلسوف جون جاك روسو (ت. 1787) هو الرائد الفعلي لحركة "التربية الجديدة" التي اتخذت علم النفس أساسا لفهم الطفل قبل تنشئته ورعايته. فهو صاحب القولة المشهورة: "ابدؤوا إذن بدراسة تلاميذكم فإنكم قطعا لا تعرفونهم". وقد سبقه إلى مثل هذه الأفكار الفيلسوف الإنجليزي جون لوك (ت. 1704) خاصة في كتابه "أفكار عن تربية الأطفال" (1693)، والذي كان ملهما لجون جاك روسو في كتابة "إميل" (1762) الذي يعتبرعلامة فارقة في علم التربية أو التربياء كما يحلو للدكتور المطيلي تسميته.

مرحلة الريادة (1880 – 1912):ذكر المؤلف أنها مرحلة تحلت بصبغة المنهجية الميدانية حيث تم فيها الاقتراب من التلاميذواتساع حركة إنشاء المدارس وتجديد مناهج التدريس خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. ومن رواد هذه المرحلة فرانسيس جالتون، جيمس سولي، ألفريد بينيه، ألفريد أدلير، إدوارد كلاباريد، هانز زوليجر...

مرحلة المأسسة (1913 وما بعدها): وهي مرحلة تم فيها تعيين الأخصائيين النفسيين في المؤسسات التعليمية تعيينا رسميا لمباشرة مهامهم المتمثلة في الاستشارة النفسية وإجراء الفحوص والتتبع النفسي والتربوي والتوجيه والإرشاد لمغالبة مختلف المصاعب والمشكلات والاضطرابات التي يعاني منها المتعلم في مختلف مراحله الدراسية.

كما عرفت مرحلة المأسسة استخدام المراسيم وسن القوانين التنظيمية وعقد الندوات والمؤتمرات محليا ودوليا خاصة في كل من أوروبا وأمريكا ومنها تنظيم المؤتمر الدولي الأول بمدينة هامبورغ الألمانية عام 1954 برعاية منظمة اليونيسكو... وفي نهاية الشق الأول من الفصل الأول، انتقل المؤلف إلى تقييم الوضع المرتبط بالموضوع بالعالم العربي ليخلص إلى استنتاج مفاده أن علم النفس المدرسي يكاد يكون مغيبا عن المؤسسات التعليمية العربية لإكراهات كثيرة لمن أراد الاطلاع عليها فليراجع الكتاب من ص 34 – 46.

أما الشق الثاني من الفصل الأول فقد خصصه الدكتور أحمد المطيلي لتعريف علم النفس المدرسي (وقد أوردنا التعريف ذاته سابقا)، وذكر روافده والتي حصرها فيما يسمى بالقياسالنفسي، علم النفس المرضي، علم النفس العيادي، علم نفس النمو، علم النفس

التربيائي، علم النفس الاجتماعي، التحليل النسقيوعلم النفس المعرفي واضعا فقرة إيضاحية لكل رافد منها؛ ليختم الفصل بتعريف النفساني المدرسي بكونه "أخصائيا في مجال علم النفس يتوافر على شهادة تثبت متابعته للدراسة الجامعية في مجال علم النفس لمدة تستغرق في المتوسط خمس سنوات حسب البلدان والتشريعات والقوانين المعتمدة في هذا الشأن. وقد تشترط شهادة الدكتوراه كما هو الحال في بعض الولايات المتحدة الأمريكية". ويحدد الكتاب مهام النفساني المدرسي في خمس هي الفحص النفسي، الاستشارة النفسية والتربيائية، التتبع النفسي والتربيائي، المشاركة الفاعلة في حياة المؤسسة وإعداد التقارير والبحوث.

الفصل الثاني: وقد خصصه الدكتور أحمد المطيلي للإحاطة بتفاصيل البيئة المدرسية من حيث مكوناتها، وظائف هذه المكونات، مع تسليط الضوء على مختلف العلاقات الجامعة بينها.Nouvelle image 3 5

واستهل فصله بالإشارة إلى أن البيئة المدرسية تتكون من مكونات بشرية هي المتعلم، المدرس والهيئة الإدارية؛ ومكونات فكرية هي المناهج والبرامج الدراسية؛ ومكونات أخرى تتمثل في الضوابط والقوانين والفضاء المكاني. 

وقد صنف المتعلمين حسب بعض المعايير إلى التلميذ المنبسط والتلميذ المنطوي والتلميذ القائد والتلميذ المنقاد والتلميذ المعارض والتلميذ الجاد والتلميذ الهازل والتلميذ المجتهد والتلميذ الكسول. وفي نظري، وباعتماد المعايير المشار إليها يكون المؤلف قد أغفل أنواعا أخرى من المتعلمين أصبح لها حضور مؤرق في كل المؤسسات التعليمية، مما يستلزم تسليط علم النفس المدرسي الضوء عليها للإحاطة بشخصياتها وكيفية التعامل معها.

وفي المقابل، انتقل المؤلف لتصنيف أنواع المدرسين بعدما أشار لوضعهم الاعتباري ومكانتهم الاجتماعية وأدوارهم السامية التي من المفروض أن تُترجَم قدوةً ومثلا يُحتذى عند المتعلمين. فصنفهم إلى أنماط هي النمط الألوف والنمط المتعالي والنمط الشغوف والنمط العدواني والنمط المتسلط والنمط المشاور والنمط المتراخي. وهي أنماط قد غابت عنها أخرى تشكل صورا مشرفة للعطاء والكفاءة والتضحية في زمن قل فيه الاعتراف.

بعد ذلك انتقل المؤلف مرورا على الهيئة الإدارية والتي لم تحظ في الكتاب بأكثر من صفحة، إلى تسليط الضوء على البرامج والمناهج الدراسية والتي كشف عن أوجه الخلل التي تعاني منه ملخصا إياها في عدم التلاؤم مع مراحل النمو النفسي للمتعلم، التعالي عن واقع الطفل، غلبة الكم على الكيف والاختلال المنهجي.

ويتطرق الفصل للضوابط والقوانين المتحكمة في البيئة المدرسية بشكل مختصر. ومرد هذا الاختصار هو النسبية التي تعرف بها هذه القوانين حسب الوضعيات وقوة نصوصها التي في غالب الأحيان تكون داخلية. وقد أغفل الكتاب التطرق للمذكرات ودراسة مضامينها ولو مجملا للكشف عن مساهمتها فيما يعرف اليوم بنوع من التراخي والتسيب في ضبط العملية التعليمية التعلمية وكذا الحد من الشغب داخل المؤسسات.

وينتهي الفصل بالحديث عن الفضاء المكاني وما ينبغي أن يكون عليه، معرجا على وظائف المدرسة والعلاقات التربوية داخل المؤسسات التعليمية مشيرا إلى أن أهم ما يميزها تعدد أنواعها ومظاهرها.

الفصل الثالث: خصصه المؤلف لدراسة المشكلات الدراسية والنفسية والعضوية؛ فأدرج في المشكلات الدراسية كلا من اضطرابات التعلم كعسر القراءة وعسر الإملاء وعسر الكتابة وعسر الحساب. سوء التوافق الدراسي، الرغبة عن الدراسة، آفة الغش في الامتحان، الفشل الدراسي، ومشكل التوجيه المدرسي. وأدرج في المشكلات النفسية كلا من اضطرابات الانتباه واضطرابات الكلام والتخلف الذهني ومشكل الطفل الموهوب والمتفوق والعنف المدرسي والهروب من المدرسة والرهاب المدرسي. وختم الفصل بالوقوف على المشكلات العضوية وحصرها في ثلاثة أنواع من الإعاقة هي الإعاقة الحاسية والإعاقة الحركية والإعاقة الذهنية.

الفصل الرابع:

 هو آخر فصول الكتاب خصصه الكاتب للحديث عن مجالات التدخل ومناهجه، ليظل بذلك وفيا لما تضمنه عنوان الكتاب من دلالات ومعاني. ويخبرنا في بداية الفصل بأن تدخلات النفساني المدرسي تشمل مجالات أساسية مترابطة ثلاثة وهي المجال النفسي والمجال الدراسي والمجال المؤسساتي. ورغم اختلاف هذه المجالات، تبقى الأدوات المنهجية المعتمدة من طرف النفساني المدرسي محصورة عموما في:

أولا- المقابلة: وهي تواصل لفظي بين سائل ومسئول للوصول إلى معرفة جوانب المسئول الوجدانية والفكرية والأسرية والتواصلية والتعليمية... وقد تكون المقابلة فردية أو ثنائية أو جماعية، وقد تكون حسب مضمونها مقابلة نفسية أو تربيائية أو توجيهية. وقد يُجري النفساني المدرسي المقابلة مع المتعلم أو مع المدرس أو مع الأسرة. ولإيضاح أكبر أورد المؤلف نماذج من التبليغ تستلزم مقابلة مع النفساني المدرسي مفسرا الإطار العام للمقابلة وما تحتاجه من إطار زماني ومكاني واجتماعي وآداب التدخل والتعامل قبل وبعد المقابلة.

ثانيا – الروائز: وهي أيضا من الأدوات المعتمدة من طرف النفساني المدرسي. وهي متعددة منها روائز الكفاية وتندرج فيها روائز الذكاء وروائز الاستعدادات والقدرات وروائز التحصيل الدراسي. وهناك روائز الشخصية وتندرج فيها استخبارات الشخصية والروائز الموضوعية للشخصية والروائز الإسقاطية. وهذه الروائز يمكن أن تطبق بطريقة فردية أو جماعية...

ثالثا – الملف النفسي التربوي: وهو عبارة من وثيقة تتضمن عددا من البيانات المتعلقة بالمتعلم من حيث النمو النفسي والوجداني والروابط الأسرية والمسيرة الدراسية بمختلف تفاصيلها وغير ذلك من المعلومات التي تجعل من هذا الملف أداة من الأدوات المساعدة للنفساني المدرسي على مزاولة مهامه.

رابعا – الاستمارات: وهي حسب الكتاب إما استطلاعية أو استكشافية.

وأخيرا، خاتمة الكتاب التي هي عبارة عن خلاصة مركزة حشد فيها الدكتور أحمد المطيلي عصارة الكتاب وزبدة بحثه.

نستنتج من قراءتنا للكتاب أنه قيمة مضافة للمكتبة العربية عموما والمكتبة المغربية خصوصا لما قدمه من معلومات قيمة نظرية ومنهجية وتطبيقية حول علم أصبح وجوده في المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها يفرض نفسه بشدة؛ وذلك لتنامي انتشار سلوكيات هجينة ومرضية داخل كل من الأسرة والفضاءات التعليمية بكل مكوناتها البشرية، خاصة وأن المجتمع بل والمنظومة التعليمية تعاني من تراجع كبير في المنظومة القيمية والأخلاقية لأسباب لا يسع المجال لذكرها، مما يستدعي تدخلا عاجلا من المختصين في كل المجالات التي لها ارتباط بالتربية والتعليم وأخص بالذكر في هذا المقال الأخصائيين النفسانيين.                          

.. و حدَّثنا الأديب الكبير و الصحفي أحمد الشيخ بعرض ناقد للدكتور أحمد المطيلي و قد صال و أجاد : و بعد القراءة المدققة و المعمَّقة التي قدمتها الدكتورة لطيفة الوزاني للكتاب ، فضل الأستاذ أحمد الشيخ (القادم من باريس) أنْ يتحدث أولا عن مؤلف الكتاب و مسيرته مع التأليف بدءاً من دراسة الأولى عام 1986م عن علوم الإنسان و علم العمران ، و حتى صدور كتابه الأوَّل العام الماضي عن علم النفس المدرسي ، و يتناول الأستاذ الشيخ الكتاب على أنه من المراجع المهمة ، و الذي بدل صاحبه جهداً كبيراً في تأليفه و أشار إلى حجم و نوعية المراجع التي استند إليها و التي ناهزتْ أربعمائة مرجع تمَّتْ الإحالة إليها جميعاً عبر صفحات الكتاب ، ولم يغفلْ الأستاذ أحمد الشيخ عن توجيه بعض الملاحظات و الانتقادات ، منها أنَّ المؤلف لم يقمْ في بداية الكتاب بتصفية حساب بصورة علمية مع الكتب التي تناولتْ الموضوع ذاته ، و صدرتْ قبل كتابه .. كما ناقش الأستاذ الشيخ أيضاً بصورة مُطولة استغرق المؤلف في نحث تسميات جديدة بدلاً عن التسميات الرائجة مثل : تربوي / تربياء ، و إبستيمولوجيا / علمياء إخصائي نفسي ، و غيرها من المصطلحات التي لم تجدْ بعدُ حاضنةً لها .. و عاب ذ.الشيخ على المؤلف أنه يتهمُ أقرانه بالتذبذب في استخدام المصطلحات، بينما يقع هو في المحظور ذاته، و أنَّ الكتاب غلب عليه الطابع النظري و المنهجي على حساب الطابع العلمي و الميداني... و ازدحمتْ في رأسي إجابات الدكتور أحمد المطيلي في حديثه مشيراً لما قالته الدكتورة لطيفة الوزاني و الملاحظات التي أبدتْ بها كغياب ذكر المؤلف للتسيُّب و التراخي المدرسي .. و أيضاً لأحمد الشيخ مركزاً بصورة أساسية على أزمة المصطلح النفسي في البلدان العربية ، و أنه لا يوجد اتفاق على مصطلح واحد وهو ما دفع الدكتورأحمد المطيلي لنحث مصطلحات نابعة من البيئة و التراث العربي و الإسلامي :           

                              عبد المجيد الإدريسي .

 

Ass.anciens eleves ex-ecole franco-musulmane Date de dernière mise à jour : vendredi, 01 avril 2022

FacebookTwitterPinterestPlus d'options...

     

9 votes. Moyenne 5 sur 5.

Partage social

Date de dernière mise à jour : 10/03/2023